عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل - عبد العزيز فارح
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
من الذي يُترك حديثه في رأي شعبة؟
يرى شعبة أن أصنافًا أربعة من الرواة يترك حديثهم ولا يعتد به:
أولًا: مَنْ يُتَّهَمُ بالكذب: إن الراوي المتهم بالكذب هو الذي يعرف بكذبه في حديثه العادي بين الناس، فلا يؤتمن حينئذ على حديث رسول الله ﷺ، إذ إن جرأته على الناس دليل على جرأته على الله ورسوله. ولأن العدالة لا تتجزأ، فلا يكون الراوي ثقة عدلًا في جهة، وكذابًا فاسقًا في جهة أخرى، وهذا ما تشترك فيه الرواية والشهادة. وطرح حديث المتهم بالكذب في كلامه العادي مع الناس ضرب من الاحتياط والحذر اللذين مَيَّزا منهج المحدثين في تلقي الأخبار وروايتها، وأضفيا عليه صفة الدقة والسلامة.
ثانيًا: من يكثر الغلط: إن الراوي الذي يتهم بفحش الغلط وتزايده يفقد صفة الضبط فلا يؤخذ بحديثه في معرض الاحتجاج، ولا يعتمد في أحاديث الأحكام، بل يستأنس به استئناسا. (١)
ثالثًا: من يخطئ في حديث يجمع عليه فلا يتهم نفسه، ويقيم على غلطه ويصر على روايته لذلك الحديث، وإن الراوي الذي يعرف عنه هذا الأمر تسقط روايته ولا يكتب عنه بشرط أن يكون ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك.
رابعًا: من روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون. (٢)
_________
(١) انظر كتاب المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل ص: ٣١٨ - ٣١٩.
(٢) الكفاية ١٤٥، وفتح المغيث ١٦٠-١٦١.
1 / 18