336

صفة الفتوى والمفتي والمستفتي

محقق

أبو جنة الحنبلي مصطفى بن محمد صلاح الدين بن منسي القباني

الناشر

دار الصميعي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

فَنَقُوُل: اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَ الْمَحَاذِيرِ فِي التَّأْلِيفِ النَّقْلِيِّ؛ إِهْمَال نَقْلِ الْألفَاظِ بِأَعْيَانِهَا، وَالاكْتِفَاءُ بِنَقْلِ الْمَعَانِي، مَعَ قُصُورِ التَّأَمُّلِ عَنِ اسْتِيعَابِ مُرَادِ الْمُتكَلِّمِ الْأَوَّلِ بلَفْظِهِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ بَقِيَّةُ الْأَسْبَابِ مُتَفَرِّعَةً (١) عَنْهُ؛ لَأنَّ القَطْعَ بِحُصُولِ مُرَادِ الْمُتكَلِّمِ بِكَلَامِهِ، أَوِ الْكَاتِبِ بِكِتَابَتِهِ، مَعَ ثِقَةِ الرَّاوِي؛ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْتِفَاءِ الْإِضْمَارِ، وَالتَّخْصِيصِ، وَالنَّسْخِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالاشْتِرَاكِ، وَالتَّجَوُّزِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالنَّقْلِ، وَالْمُعَارِضِ العَقْلِيِّ.
فَكُلُّ نَقْلٍ لَا نَأْمَنُ مَعَهُ حُصُولَ بَعْضِ الْأَسْبَابِ، وَلَا نَقْطَعُ بِانْتِفَائِهَا -نَحْنُ وَلَا النَّاقِلُ-، وَلَا نَظُنُّ عَدَمَهَا، وَلَا قَرِينَةً تَنْفِيهَا؛ فَلا (٢) نَجْزِمُ فِيهِ بِمُرَادِ الْمُتكَلِّمِ، بَلْ رُبَّمَا ظَنَنَّاهُ أَوْ تَوَهَّمْنَاهُ، وَلَوْ نُقِلَ لَفْظُهُ بِعَيْنِهِ، وَقَرَائِنِهِ، وَتَارِيخِهِ، وَأَسْبَابِهِ؛ انْتَفَى هَذَا [الْمَحْذُورُ] (٣) أَوْ أَكْثَرُهُ.
وَهَذَا مِنْ حَيْثُ [الإِجْمَال] (٤).
وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الظَّنُّ بِنَقْلِ الْمُتَحَرِّي، فَيُعْذَرُ تَارَةً لِدَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَى التَّصَرُّفِ لِأَسْبَاب ظَاهِرَةٍ، وَيَكْفِي ذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ، وَأَكْثَرِ الْمَسَائِلِ الْفُرُوعِيَّةِ.
[وَأَمَّا] (٥) التَّفْصِيلُ: فَهُوَ (٦) أنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ التَّظَاهُرُ بِمَذَاهِبِ الأئِمَّةِ، وَالتّنَاصُرُ لَهَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَصَارَ لِكُلِّ مَذْهَبٍ مِنْهَا أَحْزَابٌ وَأَنْصَار، وَصَارَ دَأْبُ كُلِّ

(١) من (أ) و(غ)، وفي (ب) و(ص) و(ظ): مفرعة.
(٢) من (أ)، وفي (ب) و(ص) و(ظ): ولا.
(٣) من (ب) و(ص) و(غ) و(ظ)، وفي (أ): المحظور.
(٤) تصحَّفت في (أ) و(ب) إلى: الإهمال، والمثبت موافق لـ (ص) و(غ) و(ظ).
(٥) من (أ).
(٦) من (أ) و(ص) و(ظ) و(غ)، وفي (ب): وهو، وبعدها علامة سقط بمقدار كلمة.

1 / 359