صفة الفتوى والمفتي والمستفتي

ابن حمدان ت. 695 هجري
189

صفة الفتوى والمفتي والمستفتي

محقق

أبو جنة الحنبلي مصطفى بن محمد صلاح الدين بن منسي القباني

الناشر

دار الصميعي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

وَقَدْ حُكِيَ [عَنْ] (١) بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ، أنَّهُ قَال: "الَّذِي عَلَيَّ لِصَدِيقِي إِذَا وَقَعَتْ لَهَ حُكُومَةٌ، أَنْ أُفْتِيَهُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي تُوَافِقُهُ". وَوَقَعَتْ لِرَجُلٍ وَاقِعَةٌ فَأَفْتَى (٢) فِيهَا جَمَاعَةٌ بِمَا يَضُرُّهُ، فَلَمَّا عَادَ وَسَأَلهُمْ قَالوا: "مَا عَلِمْنَا أَنها لَكَ! " وَأَفْتَوْه بالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تُوَافِقُهُ (٣). وَذَلِكَ يَفْعَلُونَهُ لِقِلَّةِ خَيْرِهِمْ، وَكثْرَةِ نِفَاقِهِمْ، وَلا خِلافَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ قَال مَالِكٌ: "لَيْسَ كَلُّ مَا فِيهِ [تَوْسِعَةٌ] (٤) قُلْتُ: لَا تَوْسِعَةَ فِيهِ" (٥). يَعْني أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلِاجْتِهَادِ مَجَالًا فِيمَا بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ يُقْطَعُ فِيهِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مُتَعَيِّنٍ، لَا مَجَال لِلِاجْتِهَادِ فِي خِلَافِهِ. وَقَال فِي اخْتِلافِ الصَّحَابَةِ: "مِنْهُمْ مُخْطِئٌ وَمُصِيبٌ، فَعَلَيْكَ بِالاِجْتِهَادِ" (٦). قُلْتُ (٧): "وَيتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِالأْرْجَحِ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِي كُلِّ مَسْأَلةٍ اخْتَلَفُوا

(١) من (أ). (٢) من (أ) و(د)، وفي (ب): فأفتاه. (٣) ذكره ابن الصلاح في (أدب المُفتي): ١٢٥، وابن مفلح في (أصول الفقه): ٤/ ١٥٦٤، وابن تيمية في (المسودة): ٢/ ٩٥٣، وابن القيِّم في (إعلام الموقعين): ٦/ ١٢٤، والشاطبي في (الموافقات): ٥/ ٩٠ وعزاه لكتاب (التبيين لسُنن المهتدين) لأبي الوليد الباجي. (٤) من (أ). (٥) ذكره ابن الصلاح في (أدب المُفتي): ١٢٥، وابن فرحون في (تبصرة الحكام): ١/ ٥٨. (٦) ذكره ابن الصلاح في (أدب المُفتي): ١٢٥، وابن حزم في (الأحكام): ٦/ ١٧٩، وابن فرحون في (تبصرة الحكام): ١/ ٥٨، وابن القيِّم في (إعلام الموقعين): ٦/ ١٢٤. (٧) في (ب): قال المصنف.

1 / 209