قيل: فكأن الجاحظ سمع هذا الخبر، فقال مما يعدده من فخر أهل البصرة على أهل الكوفة: وهؤلاء يأتونكم بفلان وفلان، وبسيبويه الذي اعتمدتم على كتبه وجحدتم فضله!
وحدث أبو الطيب اللغوي عن أبي عمر الزاهد قال: قال ثعلب يوما في مجلسه: مات الفراء (وهو كوفي كما نعلم) وتحت رأسه كتاب سيبويه.
والآن لكي نستكمل البحث نرى أن ندرس النقط الآتية: (1)
متى ألف سيبويه كتابه؟ (2)
متى ظهر الكتاب للجمهور؟ (3)
من روى هذا الكتاب؟ (4)
ثم ندرس خطة المؤلف وأسلوب عرضه. (5)
ونبحث بعد ذلك مصادر الكتاب، وشخصية المؤلف، وأثر الكتاب في دراسة النحو، وآراء منتقديه. (6)
ونختم البحث برأينا في الكتاب. (2) متى ألف سيبويه كتابه؟
تاريخ تأليف هذا الكتاب مجهول كل الجهل، ولم تذكر كل كتب التاريخ أن الكتاب ظهر في حياة مؤلفه، فالسيرافي والمؤرخون من بعده قد ذكروا أن الكتاب لم يظهر في حياة سيبويه، ولكنه ظهر بعد وفاته، والذي نقله عنه ورواه للجمهور تلميذه الأخفش، قال السيرافي: والطريق إلى كتاب سيبويه، الأخفش؛ وذلك أن كتاب سيبويه لا نعلم أحدا قرأه على سيبويه، ولا قرأه عليه سيبويه، ولكنه لما مات سيبويه قرئ الكتاب على أبي الحسن الأخفش، وكان ممن قرأه عليه أبو عمرو الجرمي، وأبو عثمان المازني. وقال ياقوت في معجمه: وكان الأخفش يستحسن كتاب سيبويه كل الاستحسان، فتوهم الجرمي والمازني أن الأخفش قد هم أن يدعي الكتاب لنفسه، فتشاورا في منع الأخفش من ادعائه، فقالا: نقرؤه عليه، فإذا قرأناه عليه أظهرناه، وأشعنا أنه لسيبويه، فلا يمكنه أن يدعيه. فأرغبا الأخفش وبذلا له شيئا من المال على أن يقرآه عليه، فأجاب، وشرعا في القراءة، وأخذا الكتاب عنه، وأظهراه للناس.
صفحة غير معروفة