شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
تصانيف
وكان المتكلم بهذا الكلام رجلا قصير القامة، أسمر اللون، مظلم الوجه، لامع البصر.
وتكلم الرجل الذي دعاه «لافين» بمولاي، قال: إني واثق من كرهك للدوق دي جيز؛ ولذلك ضربت صفحا عما فرط منك في الماضي مما لا يليق برجل شريف أن يفعله يا «بلترو».
فقال المدعو بلترو بلهجة كآبة: أنت ناكر الجميل يا مولاي لارنودي، بل أنت شبيه بسائر الناس في ذلك. فهل أذكرك بما جرى لك في حصار متس يوم كدت تقتل لولاي؟ وهل تلومني لأنني قمت بالواجب المفروض علي إذ تجسست أخبار الأعداء لمصلحة الملك؟
فأجابه لارنودي بعظمة، قال: لم أنس شيئا، ولكن إذا شئت مني نسيان جاسوسيتك الماضية فسر منذ اليوم سيرة جندي لا جاسوس. والآن فلنتأهب لملاقاة أصدقائنا.
وبعد هنيهة أقبل آخرون إلى الفندق فأدخلهم لافين، وكانوا يتجهون إلى لارنودي، ويتلفظون بهاتين الكلمتين وهما «مع الملك» فيجيبهم لارنودي بقوله: «على أمراء لورين»، حتى بلغ عدد القادمين ستة عشر، كل منهم ينوب عن ولاية من ولايات فرنسا. فلما تم عددهم جميعا أمر لارنودي أن يتكلم أصغر الحضور سنا. فنهض أحدهم وقال: أظنني أصغركم سنا، فأنا أطلب إقامة العدل بالنيابة عن طائفة الكلفينيين، واسمي بول دي رشيان من أشراف موفان.
فظهر الاستحسان على الحضور ، وقال لارنودي مع معرفته للرجل: ما هي شكواك؟
أجاب: كان لي أخ فرنساوي من كرام الفرنساويين وشرفائهم، قتله الكردينال دي لورين إذ سلط عليه ثلاثة آلاف غلام، وقد مزق بدن أخي، وسحبت أحشاؤه على أرض الشوارع، وطرح فؤاده للكلاب، وضرب الجمهور تلك الحيوانات التي أبت أكله. فأنا أطلب موت الكردينال دي لورين!
قال: كم جنديا لديك؟
أجاب: عندي ألفا رجل كلهم متأهب لسحق الكاثوليكيين المقيمين في بروفانس يوم إعلان الثورة والانقلاب.
ونهض بعد بول دي رشيان هذا شريف آخر اسمه مونبرون، فآخر اسمه ماليني، فشرحا حالة الشاكين في البلاد وفي مدينة ليون، ووعد كل منهما بأن يقدم خمسمائة مقاتل أو ألفا. ثم أخذ كل موفد من كل ولاية يتكلم عن حالة الشعب مفصلا أسباب البغضاء التي يضمرها للدوق دي جيز البروتستانتيون والكاثوليكيون من أهل ولايته.
صفحة غير معروفة