شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
تصانيف
قال: ما اسمه؟
أجابت: اسمه عرش فرنسا، فاخرج من هنا!
وكأنما سحر بعظمتها فخرج وقصد إلى حجرة المحامي أفنيل. •••
وانقضى نهار، وقد ساد على قصر فنسان سكوت وحزن شديد، وعلم الكل أن الجيشين يتقاتلان، ولكن لم يصل نبأ جديد إلى القصر. أما الكردينال فلم يكن قد رأى الملكة مرة ثانية فأخذ يتنزه في مسكنه رائحا جائيا، ناظرا إلى نافذته، مصغيا إلى كل صوت، وقد أعلن أنه يهب مائة دينار لأول ساع يبشره بهزيمة البروتستانتيين. وأما كاترين فإنها لم تفارق مصلاها وهي تضرع إلى الله أن يمكنها من آل جيز، ويسلطها عليهم حتى ترغم أنوفهم، واتجه فكرها كذلك إلى ذلك الحبيب الذي يعالج سكرة الموت في تلك الحجرة المظلمة، وهو لم يشته إلا شيئا واحدا قبيل انصرام أجله، هو رؤية الملكة. لكنه لم يجهل أن أعين الرقباء مبثوثة حولها، وأنها تشفق على عرضها أن يلم به كل طويل اللسان، وقدم بعض أشراف من باريس، وقالوا: إن الناس يجتمعون في الكنائس مبتهلين إلى الله، داعين للدوق دي جيز بالنصر.
وعند منتصف الليل قدم فارس، ووقف بأبواب القصر ونادى: إني جئت بالأنباء فافتحوا لي الباب، وكان ذلك الفارس جميل المنظر، على ثيابه آثار الدماء وغدارتاه مسودتان من البارود، وكل ظواهره تدل على أنه كان من أبطال المعركة. فتواثب الخدم في البلاط إليه، وهم يقولون: لمن النصر؟ أللبروتستانتيين أم للكاثوليكيين؟ فأجابهم: لقد انتصر الأمير!
وسمع الكردينال هذه الكلمات فوثب غضوبا، وإذ ذاك دخل الفارس على الملكة، وطفق يحدثها بتفاصيل المعركة ووصائفها يسمعن، وأنها كانت معركة هائلة فاز فيها الأمير فوزا مبينا فسحق جيش أعدائه، واستأسر مونمورانسي، وكان «سن أندرة» من قتلى المعركة.
ثم قال الرسول: إن رحى القتال لا تزال دائرة، إلا أن الأمير رغب إلي في نقل البشرى إليك، فأجبته إلى طلبه، وتخطيت صفوف الأعداء إليك.
فصاح الجميع: كيف تخطيت صفوف الأعداء؟ ومن هم الأعداء؟
قال: هم جنود الكاثوليك!
قالوا: أبروتستانتي أنت؟
صفحة غير معروفة