شبهات القرآنيين
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الستة.
أما تشبث جكرالوي بقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ (التوبة: ١٠١) .
فالجواب عنه في ثلاثة مقامات:
المقام الأول: عدم معرفة الرسول ﷺ بأعيان بعض المنافقين لا يقتضي الشك في أحاديث الرسول ﷺ؛ لأن المنافقين كانوا معروفين بصفاتهم فكان الصحابة يأخذون حذرهم منهم، ففي الصحيحين من حديث عتبان بن مالك لما صلى له النبي ﷺ في بيته فاجتمع إليه نفر من أهل الحي فقال قائل منهم: أين مالك الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال النبي ﷺ: لا تقل له ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله؟ قال: قالوا: الله ورسوله أعلم، أما نحن فو الله لا نرى ودّه وحديثه إلا إلى المنافقين فقال رسول الله ﷺ: "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " (١) .
فظهر من هذا الحديث أن الصحابة كانوا في غاية الصرامة في شأن المنافقين بحيث اتهموا من جالسهم وخالطهم وإن لم يبلغ به الأمر إلى الكفر الباطني كما شهد بذلك الرسول ﷺ لمالك بن الدخشن (٢)، أفتراهم يأخذون الأحاديث من المنافقين بعد ذلك؟ أو ترى المنافقين يجرؤون على اختلاق الأحاديث وبثها في الناس مع أنهم معزولون عن المجتمع المؤمن ومنبوذون فيهم؟
_________
(١) صحيح البخاري (١١٨٦) واللفظ له، وصحيح مسلم (٢٦٣) .
(٢) كان بدريا، ولا يخفى فضلهم الباهر في الأمة. انظر معرفة الصحابة لأبي نعيم (٥ / ٢٤٦٤) .
1 / 42