والتشكيل (1) إلا داخلا في معنى التحريك ، وليس معنى حفظ الخلق والأشكال إلا في التسكين.
ولو كان هذا الرجل قال : إن الطبيعة هى مبدأ موجود في الأجسام لتحريكها إلى كمالاتها وتسكينها (2) عليها هو مبدأ أول لحركة ما هو فيه وسكونها (3) بالذات لا بالعرض ، لم يكن إلا مكررا لأشياء كثيرة من غير حاجة إليها فكذلك (4) إذا أورد بدل طائفة من كلامه لفظا مفردا مواطئا لتلك الطائفة فيكون قد كرر أشياء كثيرة وهو لا يشعر. ومع ذلك فإن هذا المتدارك لخلل هذا الرسم بزعمه (5) قد حسب (6) أنه إذا قال قوة فقد (7) دل على ذات غير مضافة إلى شيء وما فعل ، فإن المفهوم من القوة هو مبدأ التحريك والتسكين لا غير ، والقوة لا ترسم (8) إلا من جهة النسبة الإضافية ، فلا يكون ما ظنه حقا من أنه قد هرب من ذلك بإيراد (9) القوة فما عمله هذا الرجل باطل فاسد ، ثم معنى قول : الحاد الأول إنه مبدأ للحركة والسكون ليس يعنى المبدأ (10) الذي للحركة المكانية دون المبدأ الذي للحركة في الكيفية (11) بل كان (12) مبدأ لأى (13) حركة كانت بالذات ، فهو طبيعة كالمبدإ للحركة التي في الكم والتي (14) في الكيف والتي في المكان ، وفي غير (15) ذلك إن كان (16) حركة وسيتضح لك بعد أصناف الحركات. فأما كونه مبدأ للحركة في الكم فهو حال الطبيعة الموجبة لزيادة تخلخل وانبساط في الحجم ، أو تكاثف وانقباض فى الحجم ، فإن هذا تحريك عن كمية ، وإن شئت أن تجعل النمو بالطبيعة ، وتطاق اسم الطبيعة على ذلك ، وتأخذ الطبيعة على أحد المعانى المذكورة ، فافعل.
وأما كونه مبدأ للحركة في الكيف فمثل حال طبيعة الماء إذا عرض للماء إن استفاد كيفية غريبة لم تكن مقتضى طبيعته لكون (17) البرودة مقتضى طبيعته. فإن العائق إذا زال ، ردته طبيعته إلى كيفية وأحالته إليها وحفظته عليها (18)، وكذلك الأبدان إذا ساءت أمزجتها وقويت طبيعتها ردتها إلى المزاج الموافق.
وأما في المكان فظاهر ، وهو (19) حال طبيعة (20) الحجر إذا حركته إلى أسفل وحال طبيعة النار إذا حركتها (21) إلى فوق
صفحة ٣٣