وأظن أنا أن الرباعيات هى الأوزان القصيرة التى يكون كل بيت فيها من أربع قواعد، وكل مصراع من قاعدتين. وليس يجب أن يصغى إلى الترجمة التى دلت على أن الرباعيات هى التى تضاعف الوزن فيها أربع مرار، بل الترجمة الصحيحة ما يخالف ذلك، فان ذلك النقل يدل على أن هذه الرباعية قديمة وتشبه الرقص المسى ساطوريقا. والأقدم من الأشعار هو الأقصر والأنقص، والمستعمل للرقس هو الأخف. — قال: وإنما سمى هذا النوع ساطورى لأن الطباع صادفته ملائما للرقص المسمى ساطوريقا. وكأن الطباع تسوق إلى هذا النوع من القول ذلك النوع من الوزن، وخصوصا حينما كانت الأجزاء تشغل بوزن، وهذا هو أن تلحن فيكون فى كل جزء من أجزاء البيت الموزون وزن تلحينى.
قل: والدليل على أن ذلك طبيعى أن الناس، عند المجادلات والمنازعات، ربما ارتجلوا شيئا منها طبعا ارتجالا لمبلغ مصراع منه وهى ستة أرجل؛ فأما تمام الوزن فعلى ما تذبعث اليه القريحة بتمامها.
وإنما يقع المتنازعون فى ذلك إذا انحرفوا فى المنازعات عن الطريق الملائم للمفاوضة، أو مالوا عنها إلى محبة للتفخيم والزينة، فان العدول عن المبتذل إلى الكلام العالى الطبقة والتى تقع فيها أجزاء هى نكت نادرة — هو فى الأكثر يسبب التزيين، لا بسبب التبيين. ولا يشك فى أن الناس تعبوا تعبا شديدا حتى بلغوا غايات التزيين فى واحد واحد من أنواع الكلام.
صفحة ١٧٤