ثم إن أوميرس وإن كان أول من قال طراغوذيا قولا يعتد به وبسط الكلام فى الفضائل؛ فقد نهج أيضا سبيل قول دار مطرايانات وهى فى معنى إيامبو، إلا أنه مقصود به إنسان بعينه أو عدة من الناس بأعيانهم. ونسبة هذا النوع إلى قوموذيا نسبه «أودوسيا» إلى طراغوذيا؛ يعنى أن كل واحد منهما أعم من نظيره وأقدم، والثانيان أشد تفصيلا وأبطأ زمانا؛ وإنما تولدا بعد ذلك.
ويذكر بعد هذا ما يدل عليه من كيفية الانتقال، بحسب تأريخاتهم التى كانت لها، من نوع إلى نوع إلى أن تفصل طراغوذيا وقوموذيا واستفادا الرونق التام. فان طراغوذيا نشأ من ديثورمبو القديمة. وأما قوموذيا فنشأ من الأشعار الهجائية السخيفة المنشأة عند الأماثل الباقية — قال — إلى الآن فى الرساتيق الخسيسة.
ثم لما نشأ الطراغوذيا لم تترك حتى أكملت بتغيرات وزيادات كانت تليق بطباعها، ثم أضيف اليها الأخذ بالوجوه، واستعملها الشعراء الذين بخلطون الكلام بالأخذ بالوجوه، حتى صار الشىء الواحد يفهم من وجهين: أحدهما من حيث اللفظ، والآخر من حيث هيئة المنشد.
ثم جاء أسخيلوس القديم فخلط ذلك بالألحان، فوقع للطراغوذيات ألحانا بقيت عند المغنين والترقاصين. وهو الذى رسم المجاحدة بالشعر، يعنى المجاوبة والمناقضة، كما قيل فى «الخطابة».
وسوفوقليس وضع الألحان التى يلعب بها فى المحافل على سبيل الهزل والتطانز، وكان ذلك قليلا يسيرا فيما سلف.
ثم إنه نشأ من عمل ساطورى من بعد؛ وساطورى من رباعيات إياهبو. ثم استعمل ساطورى فى غير الهزل، ونقل إلى الجد وذكر العفة.
صفحة ١٧٣