فالنفس الإنسانية تستعين بالبدن لتحصيل هذه المبادى للتصور والتصديق، ثم إذا حصلتها رجعت إلى ذاتها، فإن تعرض لها شىء من القوى التى دونها شاغلة إياها بما يليها من الأحوال شغلتها عن فعلها فأضربت عن فعلها، وإن لم تشغلها فلا تحتاج إليها بعد ذلك فى خاص أفعالها إلا فى أمور تحتاج فيها خاصة إلى أن تعاود القوى الخيالية مرة أخرى، وذلك لاقتناص مبدأ غير الذى حصل أو معاونة بتمثيل الغرض فى الخيال ليستحكم تمثله بمعونته فى العقل، وهذا مما يقع فى الابتداء ولا يقع بعده إلا قليلا، فأما إذا استكملت النفس وقويت فإنها تنفرد بأفاعيلها على الإطلاق، وتكون القوى الحسية والخيالية وسائر القوى البدنية صارفة إياها عن فعلها مثل أن الإنسان قد يحتاج إلى دابة وآلات ليتوصل بها إلى مقصد ما، فإذا وصل إليه ثم عرض من الأسباب ما يعوقه عن مفارقتها صار السبب الموصل بعينه عائقا،
صفحة ٢٢٣