المادة فليس بمحمول، لأن تلك الجملة ليست بمجرد جوهر ذي طول وعرض وعمق فقط. وأما هذا الثاني فإنه محمول على كل مجتمع من مادة، وصورة واحدة كانت أو الفا، وفيها الأقطار الثلاثة، فهو إذن محمول على المجتمع من الجسمية التي كانت كالمادة ومن النفس، لأن جملة ذلك جوهر وإن اجتمع من معان كثيرة. فإن تلك الجملة موجودة لا في موضوع، وتلك الجملة جسم لأنها جوهر، وهو جوهر له طول وعرض وعمق. وكذلك فإن الحيوان إذا أخذ حيوانا بشرط أن لا يكون في حيوانيته إلا جسمية وتغذ وحس، وأن يكون ما بعد ذلك خارجا عنه، فربما كان لا يبعد أن يكون مادة للإنسان أو موضوعا وصورته النفس الناطقة. وإن أخذ بشرط أن يكون جسما بالمعنى الذي يكون به الجسم جنسا، وفي معاني ذلك الجسم على سبيل تجويز الحس لا غير ذلك من الصور، ولو كان النطق أو فصل يقابل النطق غير متعرض لرفع شيء منها أو وضعه، بل مجوزا وجود أي ذلك كان في هويته، ولكن هناك معها بالضرورة قوة تغذية وحس وحركة ضرورة ولا ضرورة في أن لا يكون غيرها أو يكون، كان حيوانا بمعنى الجنس. وكذلك فافهم الحال في الحساس والناطق، فإن أخذ الحساس جسما أو شيئا له حس بشرط أن لا يكون زيادة أخرى لم يكن فصلا وإن كان جزءا من الإنسان. وكذلك فإن الحيوان غير محمول عليه وإن أخذ جسما أو شيئا مجوزا له وفيه ومعه، أي الصور والشرائط كانت بعد ان يكون فيها حس، كان فصلا وكان الحيوان محمولا عليه. فإذن أي معنى أخذته مما يشكل الحال في جنسيته أو ماديته من هذه فوجدته قد يجوز انضمام الفصول إليه أيها كان على أنها فيه ومنه، كان جنسا. وإن أخذته من جهة بعض الفصول وتممت به المعنى وختمته حتى لو دخل شيء آخر لم يكن من تلك الجملة، بل مضافا من خارج، لم يكن جنسا، بل مادة. وإن أوجبت لها تمام المعنى حتى دخل فيه ما يمكن أن يدخل، صار نوعا. وإن كانت في الإشارة إلى ذلك المعنى لا تتعرض لذلك، كان جنسا. فإذن باشتراط أن لا تكون زيادة تكون مادة، وباشتراط أن تكون زيادة يكون نوعا. وبأن لا تتعرض لذلك، بل يجوز أن يكون كل واحد من الزيادات على أنها داخلة في جملة معناه، يكون جنسا. وهذا إنما يشكل في ذاته مركبة، وأما فيما ذاته بسيطة فعسى أن العقل يفرض فيه هذه الاعتبارات في نفسه على النحو الذي ذكرنا قبل هذا الفصل. وأما في الوجود فلا يكون منه شيء متميز هو جنس وشيء هو مادة، فنقول: إنما يوجد للإنسان الجسمية قبل الحيوانية في بعض وجوه التصور إذا أخذت الجسمية بمعنى المادة لا بمعنى الجنس،
صفحة ١٠٧