أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك فيقولون إنما يهلكنا الدهر وهو الليل والنهار ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم فقال رسول الله ﷺ: "لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبون الله ﵎ فإنه فاعل هذه الأشياء" وفي حديث أنس يرفعه: "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله ﷿ سحائب من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم" وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال كنا عند النبي ﷺ فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" وفيهما أيضا من حديث احتجاج الجنة والنار: "قول الله للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء وللنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء" وفيه أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت وارحمني إن شئت وارزقني إن شئت ليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء لا مكره له" وفي صحيح مسلم عنه يرفعه: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان" وفي حديث أبي ذر: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته" الحديث وفي آخره "ذلك بأني جواد أفعل ما أشاء عطائي كلام فإذا أردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون" وفي حديث أنس بن مالك عن النبي ﷺ: "ما أنعم الله على عبد من نعمة من أهل وولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آية دون الموت" وهذا الحديث الصحيح مشتق من قوله تعالى: ﴿وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّه﴾ وفي حديث الشفاعة: "فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني" وفي حديث آخر أهل الجنة دخولا إليها "فيسكت ما شاء الله أن يسكت وفيه قوله سبحانه لا أهزأ بك ولكني على ما أشاء قدير" والحديثان في الصحيحين وفيهما من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "لكل نبي دعوة فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" وقال: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها أحد" وقال: "إني لأطمع أن يكون حوضي إن شاء الله أوسع ما بين أيلة إلى كذا" وقال في المدينة: "لا يدخلها الطاعون ولا الدجال إن شاء الله" وقال في زيارة المقابر: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" وقال لما حاصر الطائف: "إنا قافلون غدا إن شاء الله" وقال لما قدم مكة: "منزلنا غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة" وقال يوم بدر: "هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله وهذا مصرع فلان إن شاء الله" وقال في بعض أسفاره: "إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم ثم إنكم تأتون الماء غدا إن شاء الله" وقال للأعرابي الذي عاده من الحمى: "لا بأس طهور إن شاء الله" وأخبر عن سليمان بن داود أنه قال: "لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله فقال له الملك قل إن شاء الله فلم يقل فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون" وقال: "من حلف فقال إن شاء الله فإن
1 / 46