لكن الأمزجة المختلفة تختلف فى الاستعداد لقبول شىء منها دون شىء، فيستعد بعضها للاحمرار وبعضها للاصفرار، وبعضها للابيضاض، وبعضها لطعم ما، وبعضها لرائحة ما، وبعضها للنمو، وبعضها للمس للحس ، وبعضها للنطق؛ بل قد تحصل بالأمزجة فى المركبات استعدادات لقوى فعالة أفعالا تصدر عنها بالطبع ليست من جنس أفعال البسائط مثل جذب الحديد للمغناطيس، وغير ذلك. فتكون هذه القوى التى تحدث بالحقيقة، منها ما هي طبايع لأنها مبادئ حركات لما هي فيه بالذات، ومنها ما هي مبادئ تحريكات لأشياء خارجة عنها يفعل فيها بالاختيار.
والناس قد يقعون فى شغل شاغل إذا أخذوا يفحصون عن علل هذه الأحوال والقوى، يرومون أن ينسبوا ذلك إلى كيفيات أو أشكال أو غير ذلك مما للبسائط. ويشق عليهم الأمر، فيدفعون إلى تكلف يخرجهم عن الجادة المستقيمة. فلا سبيل إلى إدراك المناسبات التى بين الأمزجة الجزئية وبين هذه القوى والأحوال التى تتبعها، وتوجد بعد وجودها.
صفحة ٢٥٥