وكل ما ينحل بالحر فهو الذى جمد بالبرد، والغالب عليه الرطوبة وكل ما ينحل بالبرد فهو الذى جمد بالحر والغالب عليه اليبوسة. وقد يجتمع الحر والبرد على إجماد الشىء فيصعب حله، وإذابته. وذلك الشىء هو الذى أعان الحار على جموده بما حلل من الرطوبة، وبما غلب من سلطان اليبوسة، وأعان البرد على جموده بكره على ما بقي رطبا منه، فيشاركان على إجماده. وهذا مثل الحديد ومثل الخزف. فإن كانت قد بقيت فيه رطوبة صالحة أمكن أن يذاب بالاحتيال؛ وإلا فبالقسر. فإن الخزف أيضا يلين ويسيل فى شدة الحر.
واعلم أن الحر إذا اشتد سلطانه خلخل المادة وسيل الرطوبة، فأبطل معه إجماد اليابس الذى يستعين به، وبما يحدث منه فى تلك البيوسة أيضا من تخلخل.
والملح والخزف قد يذوب آخر الأمر. لكن الملح إذا أراد أن يذوب لم يكن؛ لأن اليابس فيه قليل فى الكم، كثير فى القوة. وكذلك حاله إذا انحل فى الماء. وأما أشياء أخرى فأولا لا تلين ونخثر، ثم تذوب.
والرطوبات القابلة للخثورة منها أرضية كالعسل، ومنها هوائية أرضية مثل الزيت. وكل ما يخثر بالبرد، وفيه هوائية، فإنه يبيض أولا لجمود هوائيته وقربه من المائية. وكثير من الرطوبات إذا طبخت فى النار ابيضت أيضا كالزيت. وذلك لتحلل الوسخ منه وتحلل، شىء من المائية والهوائية التى خالطته. وكثيرا ما تسود لما يخالطها وينحصر فيها من الدخان بسبب الاحتراق.
صفحة ٢٣٩