وأما الشي فالفاعل القريب له حرارة خارجة يابسة. ولذلك يأخذ من رطوبة ظاهر المشوي بالتحليل أكثر مما يأخذ من رطوبة باطنه، فيكون باطنه أرطب من ظاهره وبخلاف المنطبخ، وتكون الرطوبة الموجودة فى المشوي رطوبة جوهرية، وقد لطفت وأذيبت فى المطبوخ. فقد تكون رطوبته ممتزجة من الشىء الطبيعي ومن الغريب.
والشي أصناف فمنه ما تكون الحرارة الملاقية هواء ناريا، ويسمى مشويا على الاطلاق؛ ومنه ما تكون الحرارة الملاقية حرارة أرضية. فإن كان مستقرة نفس النار الجمري سمي تكبيبا، وإن كان مستقره جسما آخر أرضيا تسخن من نار خارجة منه، ثم سخن ذلك الجسم، سمى قليا.
وقد يكون منه ما يشبه الشي من جهة، والطبخ من جهة، وهو الذى يكون التأثير فيه بحرارة لزجة دهنية، وهذا يسمى تطحينا. فلأن هذه الحرارة رطبة فهذا التأثير قد يشبه الطبخ، ولأنها لزجة لا تنفذ فى جوهر الشىء نفوذا يخلخله ويلينه، بل يجمعه ويحصر رطوبته فى باطنه بتشديد اللزوجة فهذا التأثير يشبه الشى.
وقد يقال للهضم والنضج طبخ أيضا باشتراك الاسم.
وأما التبخير فهو تحريك الأجزاء الرطبة متحللة من شىء رطب إلى فوق، بما يفاد من مبدأ ذلك بالتسخين.
والتدخين هو كذلك للأجزاء الغالب فيها اليابس. فمادة التبخير مائية ومادة التدخين أرضية. والبخار ماء متحلل والدخان أرض متحللة. وكل ذلك من حرارة مصعدة. فالجسم الرطب كالماء، لا يدخن، والجسم اليابس، كالأرض، لا يبخر.
صفحة ٢٢٩