و أما نضج الفضل من حيث هو فضل، أعنى من حيث لا ينتفع به فى أن يغذو فهو مفارق للنوعين الأولين. فإن هذا النضج إحالة للرطوبة إلى قوام ومزاج يسهل به دفعها، إما بتغليظ قوامه، إن كان المانع عن دفعه شدة سيلانه ورقته؛ وإما بترقيقه، إن كان المانع عن دفعه شدة غلظه؛ وإما بتقطيعه وبتفشيشه، إن كان المانع عن الدفع شدة لزوجته.
لكن هذا النضج، مع ذلك، إحالة من الحرارة للرطوبة إلى موافقة الغاية المقصودة.
وكذلك النضج الصناعي، وهو بالطبخ أو التطحين أو القلي، أو غير ذلك مما نذكره. ويعارض هذا النضج أمران: أحدهما كالعدم، وهو النهوة النهوءة والفجاجة، والثاني كالضد، وهو العفونة.
فأما النهوة النهوءة فأن تبقى الرطوبة غير مبلوغ بها الغاية المقصودة، مع أنها لا تكون قد استحالت إلى كيفية منافية للغاية المقصودة، مثل أن تبقى الثمرة نية، أو يبقى الغذاء بحالة لا يستحيل إلى مشاكلة المغتذى، ولا أيضا يتغير، أو يبقى الخلط بحالة لا يستحيل إلى موافقة الاندفاع، ولا أيضا يفسد فسادا آخر. فإن استحالت الرطوبة هيئة رديئة، تزيل صلوحها للانتفاع بها فى الغاية المقصودة، فذلك هو العفونة.
والنهوة والنهوءة يفعلها بالعرض مانع فعل الحر، ومانع فعل الحر هو البرودة. وأما العفونة فتفعلها.
صفحة ٢٢٤