فنقول إن هذه أيضا مغالطة، وذلك لأنه ليس قولنا «كلما زاد الجسم البارد مثلا قدرا ازدادت كيفيته شدة» يوجب أن تكون نسبة القدرين نسبة الكيفية فى المزيد عليه، على الكيفية الأولى. وذلك أنا إنما قلنا إنه إذا زيد على هذا الماء ماء مثله، صار برد المزيد عليه أشد، و لم نقدر قائلين إنه صار برد المزيد عليه صار ضعف برده الأول، فإنا لم ننقل إليه برد المضاعف عليه بكليته حتى يتضعف. وليس إذا كان انضمام ذلك إليه يوجب زيادة برد فيه، يجب أن تكون تلك الزيادة مثل الأصل الأول، أو مثل الذى فى المضام. نعم لو كان برد الماء المبرد كله ينتقل إليه لكان بالحرى أن يظن هذا الظن، وأن يقال إن البرد إذا كان مثله تضاعف برده. وليس كذلك؛ بل برد الماء المزيد عليه المضاف إليه يلزمه، ولا يفارق جوهره. إنما يتعدى عنه إلى هذا أثر زيادة قليلة. وإذا أضيف آخر إلى المضاف زادت زيادة أخرى قليلة [فلعلها تكون] أقل من تلك؛ لأن المضاف الثانى أبعد.
فليس يجب فى الزيادات أن تتضاعف الكيفية فيها بتضاعف الأقدار، وإذ ليس يجب أن تكون الزيادة مثل الأصل؛ بل يجوز أن تكون أقل منه بكثير، وبحيث لا تحس فى الأضعاف اليسيرة، فلا يجب أن يكون ما اعترض به حقا. نعم لو كان جملة البردين اللذين فى الماءين يمكن أن يفعل فى موضوع كان يفعل فيه برد الجزء الأول لكان يكون تبريده ضعف تبريد ذلك. ولكن هذا محال وغير نافع لهذا المتعنت.
صفحة ٢١٩