الشيعة والسنة
الناشر
إدارة ترجمان السنة
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٣٩٦ هـ - ١٩٧٩ م
مكان النشر
لاهور - باكستان
تصانيف
الأوطان. . . ثم انصرفوا (الأعداء) وافرين، ما نال رجلًا منهم كلم، ولا أريق لهم دم، فلو أن امرأً مسلمًا مات من بعد هذا أسفًا ما كان به ملومًا، بل كان به عندي جديرًا، فيا عجبًا! عجبًا - والله - يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، فقبحًا لكم وترحًا حين صرتم غرضًا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء، قلتم هذه صبارة القرة، أمهلنا ينسلخ عنا البردن كل هذا فرارًا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر - وقال -: قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحًا، وشحنتم صدري غيظًا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسًا (١) وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسًا، وأقدم فيها مقامًا مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع (٢).
فها هو ذا علي بن أبي طالب الخليفة الراشد الرابع عندنا
_________
(١) نغب التهمام أنفاسًا، أي جرعتموني جرع الهم جرعة جرعة
(٢) "نهج البلاغة" ص٦٩ و٧٠ و٧١
1 / 13