234

دروس الشيخ سعد البريك

تصانيف

أكلة تداعت إلى قصعتها
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة؛ وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذًا بالله من ذلك! معاشر المؤمنين: حينما تدلهم الخطوب، وحينما تختلف الأقوال والآراء، ينصر الله أمة الإسلام بسديد القول من صالح العلماء في هذه المعركة الدائرة التي اختلطت فيها المصالح الدولية، واختلطت فيها الأهداف المختلفة، ووجب فيها الجهاد في سبيل الله جل وعلا.
يعيش بعض شباب المسلمين حيرةً لا يعرفون وجه الجهاد في هذا الأمر، ألا فاعلموا يا شباب الإسلام! ألا فاعلموا يا أمة الإسلام! أن الحرب الدائرة فيها جهادٌ في سبيل الله وبيان وجهه يأتي، وفيها مصالح دولية؛ مصالح لنا ومصالح لغيرنا، وقد انجلى الصبح لذي عينين، وفيها نعمة من الله بقهر وتفتيت قوةٍ غاشمةٍ ظالمة، لا ينتظر بديلًا لها حكومةً صالحة، إنما البديل أخبث من ذي قبله، أو يكون مساويًا له، أو على الأقل لا رحمة للإسلام والمسلمين في بقاء قوته:
البعث بعثٌ في العراق وغيره تتواصل الأسباب بالأسباب
أما وجه المصالح الدولية فلا يخفاكم أن هذا الذهب الأسود الذي جعله الله متدفقًا في بلادكم الذي جعله الله في أرضكم ولو شاء الله لجعله بعيد المنال عنكم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك:٣٠] إن هذا الذهب المتدفق في أرضكم تعلقت به مصالح الأمم أجمع؛ أليس من الحكمة أن يحرص كل ذي مصلحةٍ على أن يحافظ على مستقبل حضارته ومصير أمته كافرةً كانت أو مسلمة؛ لأن الحياة مطلبٌ لجميع من دب على وجه الأرض سواء من البشر أو من البهائم أو من الحيوانات والحشرات، الحياة مطلبٌ طبيعي.
وأما تفتيت هذه القوة فإننا نسأل الله جل وعلا أن يكون فيه خيرًا للإسلام والمسلمين؛ لأننا وقد تكشفت لنا عداواتٌ مختلفة لا نرى في بقاء قوةٍ غاشمةٍ ظالمة صلاحًا للإسلام والمسلمين، وليطبل من يطبل، وليطنطن من يطنطن، وليردد من يردد في مختلف الجرائد والمجلات والإذاعات ووسائل الإعلام، ليقولوا ما يقولوا، ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، والله لو أن أولئك الذين أخذوا يبكون على قوة العراق، ويذرفون دموع التماسيح على آلتها العسكرية لو أنهم قتلوا يومًا ما بها، لو أنهم انتهكت أعراضهم بها، لو اغتصبت بناتهم بها، لو دنست أراضيهم بها، لو سفكت دماؤهم بها، لو أهينت كراماتهم بها، لقالوا أبيدوا العراق ومن على وجه العراق أجمع، ولكننا نقول: نسأل الله أن يحفظ دماء الأبرياء من العزل المدنيين، وأن يهلك هذه القيادة الغاشمة الظالمة، وحزب البعث معها وحرسها الجمهوري الذي تسلط في هذا الزمان.
هذا شأن المؤمنين وهذا شأن المسلمين: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ [سبأ:٤٦] لا تقلدوا ولا تتبعوا صوت الناعقين في الإذاعات والمجلات والصحف ووسائل الإعلام، لا تفكروا مثنى وفرادى: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ» [سبأ:٤٦] هذه أحوالٌ ينبغي أن يقدم الفكر فيها على العاطفة، حينما نسمع مسيرةً قامت تأييدًا للمجاهد العدل الأكبر الذي أصدر خمسةً وثلاثين ألف تصريح لبارات الخمر في العراق، أهذا مجاهدٌ تمشي مسيرةٌ في تأييد شأنه، لو قلنا لأولئك الذين خرجوا في هذه المظاهرة: هل فيكم واحدٌ انتهكت بكارة بنته ظلمًا وعدوانا؟ لا.
لو قيل لأحدهم هل أهينت كرامتك في بيتك؟ هل فعلت الفاحشة بك أمام زوجتك وبناتك كما فعل أولئك بالكويتيين أو ببعضهم أو بالمستضعفين في بلادهم؟ ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، لا يمكن.
إذًا: فالذين يرددون ويطنطنون ما ذاقوا حرارة المأساة، وما مشوا على جمر المحنة وآلام الظلم والبغي والعدوان، إذًا فلماذا نردد ما لا نعقل ونقف موقفًا لا نتصور حقيقته، لو أريد لكل واحدٍ من أولئك الذين ساروا أو أيدوا في أنفسهم أو في إذاعاتهم أو في فكرهم لو قيل لأحدهم: جرب لونًا أو صنفًا أو طعمًا من ألوان هذه المصيبة التي نزلت بإخواننا الكويتيين لما استطاع أن يطيق هذا، لوجه من يا طاغية العراق! أطفالٌ يموتون في الصحراء عطشى؟ أهذا لوجه الله؟ لوجه من يا طغاة البعث! نساءٌ عفيفاتٌ مستوراتٌ ينتهكن ويغتصبن؛ لوجه من يا طغاة البعث! تسرق ثروات أمة ويعلق أبناء المقاومة فيها على الرافعات كالمشانق؟ لأجل من؟ ولوجه من؟ نعم.
للبعث الذي يقول قائله:
آمنت بـ البعث ربًا لا شريك له وبالعروبة دينًا ماله ثان
هكذا الذين يقول قائلهم:
هبوا لي دينًا يجعل العرب أمةً وسيروا بجثماني على دين برهم
حتى لو كنت نصرانيًا أو يهوديًا:
هبوا لي دينًا يجعل العرب أمةً وسيروا بجثماني على دين برهم
سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا وأهلًا وسهلًا بعده بجهنم
فقد مزقت هذه المذاهب شملنا مذاهب الشريعة مذاهب الفقه مزقت شملهم، من الذي يجمعهم ركن الوحدة في فقه البعث وعنصر الملة.
فقد مزقت هذه المذاهب جمعنا وقد أودعتنا بين نابٍ وميسم

15 / 6