دروس الشيخ عبد الحي يوسف

عبد الحي يوسف ت. غير معلوم
80

دروس الشيخ عبد الحي يوسف

تصانيف

مثال خصوص السبب وعموم اللفظ وأما كون السبب خاصًا واللفظ عامًا فمثاله قول الله ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ [النساء:٥١ - ٥٢]، فهذه الآية سبب نزولها أن جماعة من المشركين جاءوا إلى اليهود، فبدأ اليهود يحرضونهم على حرب الرسول ﷺ، فقالوا لهم: يا معشر اليهود! أنتم أهل العلم بالكتاب الأول، نسألكم بالله: أديننا خير أم دين محمد؟ واليهود كانوا يعرفون أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويسجدون لها ويطوفون حولها، فالمسألة لا تريد اجتهادًا، لكن اليهود على عادتهم في التحريف قالوا لهم: وما دينكم؟ فقالوا: نحن ننحر الكوماء، -والكوماء الناقة الكبيرة- في الشتاء، ونطعم الحاج، ونقري الضيف. فقال لهم اليهود: لا والله، دينكم خير من دين محمد. فهنا سبب خاص، ونزلت الآية عامة في الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، وحكم الله عليهم باللعنة فقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء:٥٢]. وقد رجح السبكي تقي الدين رحمه الله تعالى في جمع الجوامع أن هذه مرتبة متوسطة، فهي دون السبب وفوق التجرد.

9 / 7