211

دروس الشيخ عبد الحي يوسف

تصانيف

حال أهل الجنة في نعيمهم ثم انتقل ربنا إلى حال أهل الجنة -نسأل الله أن يجعلنا منهم- فقال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ [الغاشية:٨] ناعمة: عليها البهاء والحسن، كما قال سبحانه: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢]. ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ [عبس:٣٨ - ٣٩]، فهذه الوجوه يظهر عليها أثر النعيم. ﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ [الغاشية:٩] راضية عن عملها الذي كان في الدنيا، فإنه يجلس بعضهم مع بعض يستأنسون، ويقول قائلهم: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ [الطور:٢٦ - ٢٧] فقد كنا في الدنيا أهل صيام، وقيام، وصلاة، وقرآن، ودعاء، وكنا في الدنيا أهل صدقات وبر وإحسان وصلة للأرحام، وقيام بالحقوق، وهم الآن يشعرون بالرضا، كحال الطالب الذي إذا ظهرت نتيجته وبانت، وتفوق على الأقران، شعر بالرضا عن عمله وسعيه. ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ [الحاقة:٢٢] بهية رفيعة القدر، عالية المكان والمكانة. ﴿لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً﴾ [الغاشية:١١] ولاغية: مصدر كالعاقبة، فلا تسمع فيها قولًا شائنًا، ولا إفكًا مبينًا، ولا إثمًا ولا كذبًا، كما قال الله ﷿: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا﴾ [النبأ:٣٥]، ﴿لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ﴾ [الطور:٢٣]، ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا﴾ [الواقعة:٢٥ - ٢٦]، ليس في الجنة كلام باطل، ولا ساقط.

18 / 16