84

الشيطان يعظ

تصانيف

فتنهد قائلا: كلا. - كلا؟! - لقد بادرت إلى إرسال خطاب لها قبل أن يكاشفني زغلول ورمضان بما خفي علي. - فسخت الخطوبة غير المعلنة. - اعتذرت بظروف قاسية، وسجلت المبالغ التي اقترضتها، واعدا بتسديدها عند الميسرة. - وصل الخطاب إليها؟ - يصل اليوم أو غدا. - يا له من تصرف مرعب. - ولكنه كان خيرا من الاستمرار فيه. - لم يعد كذلك الآن. - لقد فات الأوان. - ترى هل تمضي الأمور نحو الأحسن أو الأسوأ؟ قالت: على أي حال عليك أن تسترد صفاء ذهنك وقوة إرادتك لتواصل تقدمك الدراسي ...

وتساءلت مرة أخرى ترى هل تمضي الأمور نحو الأحسن أو الأسوأ؟!

17

وجاءت أم فردوس لزيارتها. ما أكثر الزيارات بينهما، ولكنها شعرت بأن هذه الزيارة غير عادية. وجاءت كالعادة أيضا عصرا وقد سفعت الرياح الباردة وجهها فاحمرت أرنبة أنفها. وهي تماثلها في السن، لا تخلو من وسامة؛ إذ كان من سوء حظ فردوس أن ورثت خلقة أبيها لا أمها. وغشي جو الزيارة ارتباك خفي وشى بأسرارها، وما لبثت أم فردوس أن قالت: أريد أن أحدثك كأخت.

فقررت أن تواجهها بالصراحة اللائقة فقالت: ما علمت بالأمر إلا منذ أيام قلائل! - وأنا كذلك وإلا ما أخفيت عنك شيئا. - كنت سأسر، فردوس ابنتي كما أنها ابنتك، وهي شابة ممتازة، ولعلهما أخفيا الموضوع لشعورهما بأنه سابق لأوانه بعض الشيء.

فقالت أم فردوس بصوت شاك: ولكنه انتهى نهاية غاية في السوء.

تنهدت قائلة: أعلم ذلك.

وبعد فترة صمت مشحونة بالانفعالات تساءلت أم فردوس: ما هي الظروف الخطيرة التي أوجبت القطيعة؟ - لقد صدق فيما قال. - ألا ترين أنه من الضروري أن أعرفها؟ - بلى، ولكن فيما بعد. - أهو قرار نهائي؟

فتفكرت جمالات مليا ثم قالت: أعدك بأنني سأبذل أقصى ما أستطيع.

فقربت منها رأسها وقالت بصوت خافت: اعتبريها مهمة بالغة الأهمية، البنت حالها في غاية من السوء! - أسفي فوق ما تتصورين. - إني واثقة من محبتك، وإليك اقتراحا مستعدة أنا لتنفيذه حال موافقتك، وهو أن نزوجها الآن، فردوس غنية، وسيجد محمود في بيتنا مكانا هادئا ليتم تعليمه.

صفحة غير معروفة