70

الشيطان يعظ

تصانيف

فأجابت بسخرية: العريس لا يعجبها! - هل يصدقونها هناك؟ - ما زالت حياتها معرضة للخطر، ولعلها معلقة بشخص ما. لعله صبي الكواء، سأعرف كل شيء في حينه ...

تمتم الأب: عادت المشاكل إلى بيتنا! - قد تتزوجه وينتهي الأمر.

فقال الأب بامتعاض: كان من الخير ألا نقبلها. - لم يكن بوسعي أن أطردها إلى الموت. - قد يسعى إليها الموت هنا ... - إذا تزوجت انتهى كل شيء بسلام.

وقلبت عينيها في الوجوه ثم قالت: لقد تصرفت في نطاق ما نؤمن به من مبادئ، فلا تلمني.

8

عاشت جمالات في قوقعة الطمأنينة قانعة بمصارعة المعيشة. رغم كل شيء تابعت عنايات بعين يقظة. لبث في أعماق قلبها شك مثل دودة خفية. كلما حاولت استدراجها سمعت عبارة عنيدة «لا أحد». اضطرت مرة إلى أن تسألها: لعله صبي الكواء؟

فهزت البنت رأسها نفيا. - هل ترفضين الزواج إلى الأبد؟

فلم تحر جوابا ومضت في عملها. وكانت عنايات تنام في الطرقة المؤدية إلى المطبخ فوق شلتتين متلاصقتين تحت بطانية خشنة. ومرة في جوف الليل وجمالات راجعة من الحمام تلقت من إحساسها رسالة خفية بأن الطرقة تموج بحياة حذرة مكتومة. توقفت وأطفأت النور وذابت في الظلام بقلب خافق. أشفقت من الإقدام وعجزت عن الذهاب. امتلأ رأسها بأفكار مثل الظلام. هل يمكن أن يتسلل أحد من الخارج وهم نيام؟ أي شيطانة! وأي تعاسة تقتحمها من جديد! وقبل أن تتخذ قرارا رأت في الظلمة التي ألفتها عيناها شبحا يتسلل من مدخل الطرقة ماضيا نحو حجرة الأولاد. تلاشت أحلامها تحت صاعقة الحقيقة. صاعقة محقت أي أمل. جسدت الاتهام وقذفت به في وجهها. تركته يذهب وهي مشلولة تماما. لم يهن عليها تفجير الفضيحة ولا إرعابه ولا حتى مواجهته. ثمة طرق أخرى توصل للحقيقة. وسوف توصل الحقيقة إلى الجنون. وبلا تردد اتجهت نحو الطرقة. أسدلت ستارة مدخلها وأضاءت المصباح. فتحت عنايات عينيها فزعة ولم تكن نامت بعد. نهضت مرتعدة ووقفت مستسلمة للأقدار. حدجتها جمالات بنظرة صارمة وسألتها: من؟

ولما ترددت لطمتها على وجهها قائلة بانفعال شديد: انطقي ...

فاندفعت تهمس في فزع: زغلول! - يا للداهية! يأبى الداء إلا أن يصيب مقتلا. اضطربت أنفاسها. - زغلول!

صفحة غير معروفة