شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا
الناشر
دار الوطن للنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
علي ما هو مثلها أو أبعد عن العذر منها، فإن كان مأجورًا أو معذورًا فهم أولى بالأجر والعذر، وأن قيل باستلزام الأمر الأخف فسقًا أو كفراُ، كان استلزم الأغلظ لذلك أولى.
وأيضًا فيقال: إن فاطمة ﵂ إنما عظم أذاها لما في ذلك من أذى أبيها، فإذا دار الأمر بين أذى أبيها وأذاها كان الاحتراز عن أذى أبيها أوجب. وهذا حال أبي بكر وعمر، فإنهما احتراز عن أن يؤذيا أباها أو يريباه بشئ، فإنه عهد عهدًا وأمر بأمر، فخافا إن غيرا عهده وأمره أن يغضب لمخالفة أمره وعهده ويتأذى بذلك، وكل عاقل يعلم أن رسول الله ﷺ إذا حكم بحكم، وطلبت فاطمة أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم، كان مراعاة حكم النبي ﷺ أولى، فإن طاعته واجبة، ومعصيته محرمة، ومن تأذى بطاعته كان مخطئًا في تأذيه بذلك، وكان الموافق لطاعته مصيبًا في طاعته. وهذا بخلاف من آذاها لغرض نفسه لا لأجل طاعة الله ورسوله.
ومن تدبر حال أبي بكر في رعايته لأمر النبي ﷺ، وأنه إنما قصد طاعة الرسول ﷺ لا أمرًا آخر، يحكم أن حاله أكمل وأفضل وأعلى من حال علي ﵄، وكلاهما سيد كبير من أكابر أولياء الله المتقين، وحزب الله المفلحين، وعباد الله الصالحين، ومن السابقين الأولين، ومن أكابر المقربين، الذين يشربون بالتسنيم، ولهذا كان أبو بكر ﵁ يقول: " والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي أن أصل من قرابتي " وقال: " ارقبوا
1 / 99