فليحذر المفكر والعامل الضلال اليسير ولا يحتقره، فهو كبير في معناه وهو عسير في منتهاه.
إن الكف تحجب الشمس، وقيل: إن هدبا انحنى على عين إنسان فخيل إليه أنه يرى الهلال في السماء، وادعى في الناس ما شاء.
الثلاثاء 12 رمضان/27 يونيو
في تكية محمد علي
ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء .
هذه الكلمة الطيبة تنبت في النفوس الخير، وتثمر البر والصلاح، فكيف بالعمل الصالح؟ إنه شجرة مباركة تمتد جذورها في الأرض فتخضر وتنضر وتزهر وتثمر، ثم يتفتق ثمرها عن النوى فيصيب الأرض فينبت ويترعرع، ويكبر ويزهر ويثمر، ويتفتق ثمره عن النوى دواليك ... نضرة وظل وثمر نافع لا ينقطع.
ذكرت هذا حين أحتفل اليوم بذكرى محمد علي باشا في التكية التي أسسها في مكة قبل مائة وثلاثين عاما، فما زالت هذه التكية تمد المساكين بالطعام كل يوم، وتمد الأسر الفقيرة كل شهر. فكم أطعمت جائعا، وسترت أسرة كريمة من الذين قال فيهم القرآن:
يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ! بل كم ورد حوضها من حمامة وعصفور، ودجاجة وهرة لتروي ظمأها في حر مكة! ما جلست في التكية فرأيت وفود البائسين يأخذون الطعام لأنفسهم ولأسرهم إلا دعوت لمحمد علي وفاضت نفسي شفقة وعطفا على البائسين.
ولا جلست عند النافورة فرأيت الحمام يهفو إليها زرافات ووحدانا ليعب الماء، والعصافير تسقط واحدا بعد آخر فتحسو وتطير ثم ترجع، إلا دعوت لمحمد علي وقلت: ما أجمل البر بحيوان الأرض والسماء!
رحم الله كل بر بالناس، رفيق بالحيوان. وفجر الله ينبوع البر في كل قلب، وهدى الناس إلى البر في كل عمل، وأفاض نفس الإنسان رحمة على كل إنسان وحيوان.
صفحة غير معروفة