الشواهد المكية
محقق
الشيخ رحمة الله الرحمتي الأراكي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
منتصف شعبان المعظم 1424
تصانيف
وأما غير العامي الصرف فيجوز له على قوله أن يعمل بأي حديث رآه في الكتب الأربعة، لكن من شرط ذلك أن يتيقن أن مدلول هذا الحديث هو عين ما أنزله الله على نبيه - صلوات الله عليه وآله - هذا إذا لم يكن له في الكتب الأربعة حديث آخر ينافيه أو يضاده، ومتى يحصل هذا الأمر ويتحقق لواحد من الناس؟ إلا أن كان للمصنف ودعواه ذلك مكابرة يكذبها العقل والوجدان.
على أنه صرح بأن خبر التقية إذا لم نعلم أنه من باب التقية يجب العمل به وإن لم يكن مطابقا للشرع في الواقع، لأجل ضرورة عدم العلم بكونه للتقية وأن ذلك مأثور عن الأئمة (عليهم السلام).
فإذا كان تعذر العلم بالواقع ينتج العمل بالأمر الباطل في نفس الأمر، فلا ينتجه بالمظنون ظنا راجحا أنه موافق لنفس الأمر مع دعاء الضرورة إليه، ولازم ذلك أنه لا يجب في الحكم العلم بكل جهات الدليل من أن تكون مطابقة للواقع، فإن في هذا الفرض إذا علم متن الحديث أنه عن الإمام لم يعلم أن مراده مدلوله الحق أو غيره على جهة التقية ومع ذلك وجب عليه العمل به.
فتبين أنه قد يجب العمل بالدليل وإن لم يكن موافقا للواقع في نفس الأمر فلا محذور على المفتى به. وربما يتأتى ذلك في أحكام عديدة من الأحاديث ولا يمنع من العمل بها للأخذ بظاهر الدلالة، وهي لا تفيد القطع بمطابقة نفس الأمر، كما اشترطه المصنف في الحكم والفتوى.
إذا تقرر ذلك تبين أنه لولا طريق الاجتهاد والتقليد الموصل لمعرفة الأحكام الشرعية لكل مكلف بها لانسد باب المعرفة إلا بما هو ضروري علمه من الدين . وما يوجهه المصنف من طريق العلم بذلك من دون هذا الاحتياج فهو من قبيل المحالات والخرافات التي تعودها ما أنزل الله بها من سلطان.
ومما يدل على ذلك: أن الأئمة (عليهم السلام) لولا علمهم بأنه لابد لشيعتهم من علماء فضلاء صلحاء يحفظون حديثهم وأصول شريعتهم ويعرفون المجمل من حديثهم والخفي من معانيه وما يجوز حمله على ظاهره وما لا يجوز وأ نهم داخلون في أهل الذكر الذين يجب الرجوع إليهم وسؤالهم، لما جاز أن يقع الخفاء في أحاديثهم ولا أن يهملوا فرعا من فروع المسائل التي يحتاج المكلفون
صفحة ٢٠٨