الشواهد المكية
محقق
الشيخ رحمة الله الرحمتي الأراكي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
منتصف شعبان المعظم 1424
تصانيف
* سلمنا أن مسائل الشريعة كلها معلومة للأئمة ومخزونة عندهم (عليهم السلام) لكن لو أمكن وصولها إلينا بالفعل على وجه يوجب القطع بصحتها عنهم (عليهم السلام) لما عدلنا عن ذلك إلى غيره بوجه من الوجوه. والمدعى لحصوله في هذا الزمان بل وغيره مما تقدم مجازف في دعواه حد المجازفة، والوجدان يكفي في فساد دعواه، وكيف يصح ذلك مع ما وقع من الاختلاف في زمانهم (عليهم السلام) وبعده في المذاهب والروايات والفتاوى بين العلماء والفضلاء الأجلاء؟ فلو كان يتيسر لهم ذلك لم يحصل بينهم اختلاف، لأن الحق واحد وكلامهم (عليهم السلام) لا يختلف فيه. وحملهم على التقصير في التوصل إلى علم الحق فيه مع إمكانه ووجود ما يدل عليه قطعا - كما يدعيه المصنف في هذا الزمان فضلا عن ذلك الزمان القريب الذي يمكن تخيل العقل حصول ذلك فيه - يقتضي نسبتهم إلى خلاف المشروع إن تعمدوا ذلك أو إلى الجهل والغفلة وضعف العلم، وكلا الأمرين لا يتصوره عاقل، خصوصا بعد أن نبه رئيس الطائفة وغيره على أن سبب الاختلاف عدم التمكن من العلم والتعويل على أخبار الآحاد التي لا يحصل بها العلم (1).
وإذ قد علمنا أن لله تعالى في كل مسألة دليلا قطعيا. فإما أن يجوز خفاء بعضه عن المكلفين وهو خلاف المدعى، وإما أن يجب ظهوره للناس ليعملوا به - وعلى هذا كانت الحكمة تقتضي مساواة غير الشيعة لهم في ذلك، ولا يجوز خفاؤه عن مكلف ، لأن الحق سبحانه لم يرسل رسوله إلا لهداية الإنس والجن وتبليغهم ما أنزل الله عليه، ولا يجوز له إخفاء حكم من أحكام الله تعالى، ولوجب ظهوره وعدم الاختلاف في الواقع؛ ذلك لأن ظهور دليل الحق لكل مكلف لا يقبل النزاع فيه، لأ نه قطعي - وهو خلاف الواقع، لأ نه لولا اشتباه الحال في الحديث والقرآن لما حصل الاختلاف، ولم يمكن فيه إلزام الخصم لخصمه بالدليل القاطع الذي حكم المصنف بتيسر العلم به وتحصيله في كل وقت. ولا نشك أن لله تعالى في كل أمر حكما محققا، لكن الكلام في ظهوره وتيسر علمه في جميع الأزمان، ولو كانت الحكمة تقتضي ذلك لما تخلف.
صفحة ٢٥٠