شرعية المعاملات التي تقوم بها البنوك الإسلامية المعاصرة
الناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الخامسة عشر-رجب-شعبان
سنة النشر
رمضان ١٤٠٣ هـ
تصانيف
متى يكون بيع المرابحة حلالًا ومتى يكون حرامًا؟
من المعلوم قطعًا أن كل عمل محرم إذا ألبس الصورة الشرعية فإنه يبقى على تحريمه بل يزداد حرمة لأنه يأخذ صورة الحيلة للتوصل إلى ما حرمه الله سبحانه. ولا شك أن المقاصد والنيات لها دخل كبير في الحكم على العمل هل هو حرام أم حلال.
ومن المعلوم قطعًا أيضًا كون البيع مباحًا ولكن هذه الإباحة ليست على إطلاقها فإن ثمة شروطًاَ لابد من توافرها ليكون البيع حلالًا وثمة موانع تمنع صحة البيع لابد من الابتعاد عنها.
وقد أجاز فقهاؤنا الأقدمون نوعًا من البيع سموه بيع المرابحة ولكنه اتخذ في بعض المعاملات الجارية والحادثة الآن صورة شرعية زائفة لعمل ربوي صريح.
فبيع المرابحة المشروع هو أن يقول البائع للمشترى اشتريت هذه السلعة بكذا وأربحني فيها كذا وأبيعك إياها سواءً باعه هذه السلعة حاضرًا أم بأجل وهذا لا خلاف في مشروعيته بين الفقهاء. ومازال المسلمون يتعاملون في أسواقهم بمثل هذا البيع، فكثيرًا ما يقول لك التاجر "هذه السلعة وقفت علي بكذا أربحني كذا وأبيعك إياها ".
والبيع هنا صحيح سواء كذب البائع أو صدق فكذبه هنا حرام عليه لا يمنع صحة البيع وإن كان في هذا إثم عظيم لقوله ﷺ:"ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة: وذكر منهم رجل بايع رجلًا بسلعة بعد العصر فحلف له لقد اشتراها بكذا وكذا وإذا وهو على غير ذلك " رواه البخاري.
ولكن الصورة المحرمة من صور المرابحة والتي لاشك أنها تحايل على الربا، هو ما يصنعه الكثيرون ممن يلجأون إلى المصارف الإسلامية، أو الممولين فيقولون لهم "اشتر لي الأرض الفلانية أو السيارة الفلانية وأنا أشتريها منك " وهولا يلجأ إلى المصرف أو الممول إلا من أجل أن يبيعه مؤجلًا ومن أجل الحصول على المال، فبدلا من أن يقترض بربا ويشترى السلعة يلجأ إلى هذه الحيلة فيأخذ الممول أو المصرف وسيطًا لا من أجل الشراء وإنما من أجل الحصول على المال. والبنك الإسلامي لا يشترى السلعة لنفسه وإنما من أجل أن يبيعها لذلك المشترى، فالمقاصد هنا معلومة قطعًا وصورة الشراء الأول والبيع الثاني ما هي إلا غطاء شرعي زائف لعمل غير مشروع يقينًا وهو الربا. ومن أجل ذلك تتهم البنوك الربوية المتعاملين بمثل هذا البيع مع البنوك الإسلامية بأنه لا فرق بين عمل هذه البنوك وتلك، وإن كان في البنوك الربوية صريحًا والبنوك اَلِإسلامية ملفوفًا.
1 / 100