شرح وصية الإمام أبي حنيفة

البابرتي ت. 786 هجري
82

شرح وصية الإمام أبي حنيفة

[البعث والرؤية والشفاعة حق

وتفضيل عائشة رضي الله عنها وبراءتها عما قيل فيها

وخلود أهل الجنة وأهل النار فيهما]

قال: (والثاني عشر: نقر بأن الله تعالى يحيي هذه النفوس بعد الموت، ويبعثهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة للجزاء والثواب وأداء الحقوق، لقوله تعالى: ?وأن الله يبعث من في القبور? [الحج: 7]. ولقاء الله تعالى لأهل الجنة حق بلا كيفية ولا تشبيه ولا جهة. وشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق (1) لكل من هو من (2) أهل الجنة، وإن كان صاحب الكبيرة. وعائشة بعد خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنهما أفضل نساء العالمين، وأم المؤمنين، ومطهرة عن الزنا بريئة عما قالت الروافض، فمن شهد عليها بالزنا فهو ولد الزنا. وأهل الجنة في الجنة خالدون، وأهل النار في النار خالدون، لقوله تعالى في حق المؤمنين: ?أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون? [البقرة: 82]، وفي حق الكفار: ?أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون? [البقرة: 39]).

أقول: اختلف الناس في المعاد، فأطبق المليون على المعاد البدني، بعد اختلافهم في معنى المعاد، فمن ذهب إلى إمكان إعادة المعدوم قال: إن الله تعالى يعدم المكلفين ثم يعيدهم. ومن ذهب إلى امتناع إعادة المعدوم قال: إن الله تعالى يفرق أجزاء أبدانهم الأصلية، ثم يؤلف بينها ويخلق فيها الحياة.

وأما الأنبياء عليهم السلام الذين سبقوا على نبينا محمد عليه السلام فالظاهر من كلام أممهم أن موسى عليه السلام لم يذكر المعاد البدني، ولا أنزل عليه في التوراة، لكن جاء ذلك في كتب الأنبياء عليهم السلام الذين جاءوا بعده كحزقيل وشعيبا عليهما السلام، ولذلك أقر اليهود به.

صفحة ١٢٠