شرح وصية الإمام أبي حنيفة

البابرتي ت. 786 هجري
77

شرح وصية الإمام أبي حنيفة

والجواب أولا بمنع الملازمة بأنا لا نسلم لزوم عدم دوامها من كونها مخلوقة الآن. قولهما: «قوله تعالى: ?كل شيء هالك إلا وجهه? [القصص: 88] يدل على أن ما سوى الله تعالى ينعدم». قلنا: لا نسلم أن قوله: ?كل شيء هالك إلا وجهه? [القصص: 88] يدل على أن ما سوى الله تعالى ينعدم، فإن معناه أن كل شيء مما سوى الله تعالى معدوم في ذاته وبالنظر إلى ذاته من حيث هو (1)، مع قطع النظر عن موجده، لأن كل ما سواه ممكن، والممكن بالنظر إلى ذاته لا يستحق الوجود، فلا يكون بالنظر إلى ذاته موجودا، وليس معناه أن ما سواه تعالى يطرأ عليه العدم، فلا ىلزم من كون الجنة مخلوقة الآن طريان (2) العدم عليها، ولئن سلم أن معناه أن كل شيء مما سوى الله تعالى يطرأ عليه العدم، فهو مخصوص بقوله تعالى: ?أكلها دائم? [الرعد: 35]، فإنه يدل على أن الجنة دائمة لما سبق، وحينئذ يكون معناه أن كل شيء مما سوى الله تعالى غير الجنة يطرأ عليه العدم، وإنما خصص جمعا بين الدليلين، ومتى كان مخصوصا لا يلزم من كون الجنة مخلوقة الآن طريان العدم عليها.

صفحة ١١٥