بِسمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) سورة آل عمران الآية ١٠٢.
(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء الآية ١.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) سورة الأحزاب الآيتان ٧٠ - ٧١.
وبعد ... فإن إمام الحرمين الجويني، علَمٌ شامخ من أعلام أصول الفقه، وله باع طويل في هذه المجال، ويظهر هذا جليًا في مؤلفاته في علم أصول الفقه وهي:
١. البرهان في أصول الفقه.
٢. التلخيص في أصول الفقه.
٣. الورقات في أصول الفقه.
وكتاب الورقات على صغر حجمه، يعتبر من أهم المختصرات في علم أصول الفقه.
ولمَّا كان شرح العلامة الشيخ جلال الدين المحلي على الورقات هو أشهر شروحها وأهمها، قمت بتحقيق هذا الشرح حسب أصول علم التحقيق، وخدمته خدمة علمية موثقة، كما سترى إن شاء الله تعالى.
وكان شرح جلال الدين المحلي، قد طبع مرارًا إلا أن طبعاته كلها، تخلو من توثيق النص وتحقيقه تحقيقًا علميًا، حسب أصول علم تحقيق المخطوطات، لذا استعنت بالله ﷾، وجمعت ما استطعت من نسخ الشرح، ومن نسخ المتن
1 / 7
- وكلها فصلت الكلام عليها في قسم الدراسة - وشرعت في تحقيق هذا الشرح الهام، لأسهم في إخراج شيء من تراثنا الإسلامي، ولأقدم الكتاب محققًا، للمهتمين بعلم أصول الفقه، ولأقوم ببعض الواجب تجاه عالمين جليلين من علمائنا الأماجد، وهما إمام الحرمين الجويني وجلال الدين المحلي، وابتغاء للأجر والثواب من العلي الوهاب.
وقد جعلت عملي على قسمين:
القسم الأول: قسم الدراسة.
القسم الثاني: الكتاب المحقق.
أما القسم الأول فجعلته على مباحث:
المبحث الأول: دراسة حول إمام الحرمين صاحب الورقات وفيها مطلبان:
المطلب الأول: التعريف بإمام الحرمين ويشمل ما يلي:
١. اسمه ونسبه.
٢. لقبه وكنيته.
٣. مولده.
٤. نشأته وطلبه للعلم.
٥. شيوخه.
٦. تلاميذه.
٧. ثناء العلماء عليه.
٨. مؤلفاته.
٩. وفاته.
المطلب الثاني: التعريف بكتاب الورقات وشروحه ويشمل ما يلي:
١. نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
٢. الموضوعات التي احتوتها الورقات.
٣. أهمية ورقات إمام الحرمين وعناية العلماء بها.
المبحث الثاني في الشارح جلال الدين المحلي ويشمل ما يلي:
١. اسمه ونسبه.
٢. لقبه.
٣. مولده ونشأته.
1 / 8
٤. طلبه للعلم وشيوخه.
٥. تلاميذه.
٦. أخلاقه وثناء العلماء عليه.
٧. مؤلفاته.
٨. وفاته.
المبحث الثالث في التعريف بالشرح ويشمل ما يلي:
١. عنوان الكتاب.
٢. نسبته إلى المؤلف المحلي.
٣. أهمية شرح المحلي.
٤. وصف النسخ.
المبحث الرابع: منهجي في التحقيق.
القسم الثاني: شرح المحلي على ورقات إمام الحرمين - محققًا -.
وختامًا أرى لازمًا علي أن أتقدم بالشكر والتقدير، إلى مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في بيت المقدس - التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية - ممثلة بعميدها وجميع موظفيها، لما قدموه لي من عون ومساعدة في تصوير النسخ المخطوطة، وأشكر أيضًا زوجتي أم حذيفه التي قابلت معي نسخ المخطوطات، وأشكر ابني حذيفة، الذي قام بصف الكتاب وتنسيقه على جهاز الحاسوب، وأشكر كل من مدّ لي يد العون والمساعدة فجزى الله الجميع خير الجزاء.
وأخيرًا فهذا عملي وجهدي في تحقيق هذا الكتاب - وهو جهد المقلّ - فإن أحسنت فذلك من الله ﷾ فله الحمد والفضل، وإن كانت الأخرى، فأسأل الله العفو والعافية. وأسأله ﷻ أن يجعل عملي هذا خالصًا، لوجهه الكريم، وأن ينفعني به يوم يقوم الناس لرب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبوديس / القدس مساء الجمعة الثالث عشر من رجب ١٤٢٠ هـ، وفق الثاني والعشرين من تشرين الأول ١٩٩٩ م
كتبه: الدكتور حسام الدين بن موسى عفانه
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة القدس
1 / 9
القسم الأول
الدراسة
1 / 11
المبحث الأول
دراسة حول إمام الحرمين صاحب الورقات
ويشمل مطلبين:
المطلب الأول: التعريف بإمام الحرمين الجويني
المطلب الثاني: التعريف بكتاب الورقات في أصول الفقه
1 / 13
المطلب الأول
التعريف بإمام الحرمين الجويني بإيجاز ويشمل ما يلي:
أولًا: اسمه ونسبه:
هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني النيسابوري (١)، والجويني نسبة إلى جُوَين، بضم الجيم وفتح الواو، وهي إحدى نواحي نيسابور، حيث ولد أبوه (٢).
ثانيًا: لقبه وكنيته:
يكنى بأبي المعالي، وهي كنية تعظيم وتشريف، فكأنه يطلب معالي الأمور وأشرفها.
ويلقب بإمام الحرمين، لمجاورته في مكة أربع سنين يُدَرس ويفتي، وكذلك جاور بالمدينة أربع سنين، يُدَرس ويفتي ويجمع طرق المذهب الشافعي (٣).
ثالثًا: مولده:
ولد أبو المعالي في المحرم سنة ٤١٩ هـ على أرجح الأقوال (٤).
رابعًا: نشأته وطلبه للعلم:
نشأ أبو المعالي في أسرة ذات فضل وعلم، فقد اعتنى به والده منذ الصغر، فقد كان والده أبو محمد فقيهًا، بل شيخ الشافعية في عصره، له مؤلفات عديدة، منها شرح رسالة الإمام الشافعي، وكان عمه علي بن يوسف الجويني فقيهًا أيضًا.
_________
(١) انظر ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٦٥، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٨، البداية والنهاية ١٢/ ١٣٦، هدية العارفين ١/ ٥٠٤، مقدمة تحقيق البرهان د. عبد العظيم الديب ١/ ٢١، مقدمة تحقيق التلخيص د. عبد الله النيبالي، د. شبير العمري ١/ ٢٣.
(٢) البداية والنهاية ١٢/ ١٣٦، مقدمة تحقيق التلخيص ١/ ٢٣.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٨ الحاشية، البداية والنهاية ١٢/ ١٣٦، مقدمة تحقيق التلخيص ١/ ٢٣.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٨، البداية والنهاية ١٢/ ١٣٦، طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٦٨.
1 / 14
نشأ أبو المعالي في هذه الأسرة الفاضلة، فدرس على والده الفقه والأصول والتفسير، وقرأ جميع مصنفات والده، ودرس على عدد من العلماء، ورحل في طلب العلم رحلات عديدة، استغرقت عشر سنوات من عمره، فرحل إلى الحجاز وبغداد وخراسان، والتقى بعدد من الشيوخ الذين أخذ العلم عنهم.
خامسًا: شيوخه:
١. والده فقد أخذ عنه الفقه والأصول والتفسير وغيرها من العلوم.
٢. أبو القاسم عبد الجبار بن علي المعروف بالإسكاف الإسفرايني توفى سنة ٤٥٢ هـ، كان فقيهًا متكلمًا، وقد واظب أبو المعالي على حضور دروسه، قرأ عليه الأصول وتخرج بطريقته (١).
٣. أبو عبد الله الخبازي، محمد بن علي النيسابوري المتوفى سنة ٤٤٩ هـ، كان شيخ القراء في وقته (٢)، قرأ عليه أبو المعالي القرآن.
٤. الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله، كان محدثًا، فقيهًا المتوفى سنة ٤٣٠ هـ، ودرس عليه إمام الحرمين وأجازه (٣).
٥. حسين بن محمد المروزي، المشهور بالقاضي حسين والمتوفى سنة ٤٦٢ هـ، وهو شيخ الشافعية بخراسان، وتفقه عليه إمام الحرمين (٤).
سادسًا: تلاميذه:
تتلمذ على إمام الحرمين عدد كبير من التلاميذ أشهرهم:
١. أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي حجة الإسلام والمسلمين، كان فقيهًا أصوليًا متكلمًا متصوفًا، العلم المعروف المتوفى سنة ٥٠٥ هـ (٥).
_________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٩٩، سير أعلام النبلاء ١٨/ ١١٧.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٤.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٥٣، طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ١٨، مقدمة التلخيص ١/ ٤٠.
(٤) مقدمة التلخيص ١/ ٤٠، البداية والنهاية ١٢/ ١٣٦، طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٣٥٧.
(٥) البداية والنهاية ١٢/ ١٨٥، سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٢٢، طبقات الشافعية الكبرى ٦/ ١٩١.
1 / 15
٢. علي بن محمد بن علي الطبري المعروف بالكيا الهراسي كان فقيهًا أصوليًا مفسرًا
محدثًا المتوفى سنة ٥٠٤ هـ (١).
٣. عبد الرحيم بن عبد الكريم أبو نصر، المعروف بابن القشيري، كان فقيهًا مفسرًا متكلمًا المتوفى سنة ٥١٤ هـ (٢).
٤. عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي النيسابوري، كان من أعيان المحدثين والمؤرخين، وكان فقيهًا أديبًا المتوفى سنة ٥٢٩ هـ (٣).
٥. أحمد بن محمد بن المظفر النيسابوري الخوافي، كان من عظماء أصحاب إمام الحرمين، وكان مشهورًا بحسن المناظرة المتوفى سنة ٥٠٠ هـ (٤).
سابعًا: ثناء العلماء عليه:
كان إمام الحرمين محل ثناء العلماء، وإعجابهم بشخصيته الفذة، وبعلمه الواسع، فمن عباراتهم في الثناء عليه - وقد كان أهلًا للثناء -:
١. قال أبو سعد السمعاني: (كان أبو المعالي إمام الأئمة على الإطلاق مجمعًا، على إمامته، شرقًا وغربًا، لم تر العيون مثله) (٥).
٢. قال أبو الحسن الباخرزي في حقه: (الفقه فقه الشافعي، والأدب أدب الأصمعي، وفي الوعظ الحسن الحسن البصري، وكيف ما هو فهو إمام كل إمام، والمستعلي بهمته على كل همام، والفائز بالظفر على إرغام كل ضرغام، إن تصدر للفقه فالمزني من مزنته، وإذا تكلم فالأشعري شعرة من وفرته) (٦).
_________
(١) البداية والنهاية ١٢/ ١٨٤، سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٥٠، طبقات الشافعية الكبرى ٧/ ٢٣١.
(٢) البداية والنهاية ١٢/ ٢٠٠، سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٢٤، طبقات الشافعية الكبرى ٧/ ١٥٩.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٦، طبقات الشافعية الكبرى ٧/ ١٧١.
(٤) البداية والنهاية ١٢/ ١٧٩، طبقات الشافعية الكبرى ٦/ ٦٣.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٩.
(٦) المصدر السابق ١٨/ ٤٧٦ - ٤٧٧.
1 / 16
٣. وقال أبو إسحاق الشيرازي: (تمتعوا بهذا الإمام، فإنه نزهة هذا الزمان، يعني إمام الحرمين) (١).
وقال له مرةً: (أنت اليوم إمام الأئمة) (٢).
٤. وقال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وقد سمع كلام إمام الحرمين في بعض المحافل: (صرف الله المكاره عن هذا الإمام، فهو اليوم قرة عين الإسلام، والذاب عنه بحسن الكلام) (٣).
٥. وقال الحافظ عبد الغافر الفارسي: (إمام الحرمين فخر الإسلام، إمام الأئمة على الإطلاق، حبر الشريعة المجمع على إمامته شرقًا وغربًا، المقر بفضله السراة والحداة عُجْمًا وعُرْبًا، من لم تر العيون مثله قبله) (٤).
ثامنًا: مؤلفاته:
ألف إمام الحرمين كتبًا كثيرة في مختلف العلوم فمن ذلك:
١. البرهان في أصول الفقه وهو من أعظم المؤلفات في فنه.
٢. التلخيص في أصول الفقه.
٣. الورقات في أصول الفقه.
٤. نهاية المطلب في دراية المذهب في الفقه الشافعي.
٥. مغيث الخلق في ترجيح القول الحقّ.
٦. الكافية في الجدل.
٧. الأساليب.
٨. العمد.
٩. العقيدة النظامية.
_________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٧٢.
(٢) المصدر السابق ٥/ ١٧٣.
(٣) المصدر السابق ٥/ ١٧٣.
(٤) المصدر السابق ٥/ ١٧٤.
1 / 17
١٠. الشامل في أصول الدين (١).
وغير ذلك من المؤلفات.
تاسعًا: وفاته:
توفي إمام الحرمين بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء، في الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ٤٧٨ هـ (٢).
_________
(١) انظر تفصيل الكلام على مؤلفات إمام الحرمين في مقدمة التلخيص ١/ ٤٦ - ٥٧، مقدمة البرهان ١/ ٣٩، مقدمة الأنجم الزاهرات ١٩ - ٢٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٧٦، طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٨١.
1 / 18
وتأسف عليه الخاصة والعامة، ﵀ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
المطلب الثاني
التعريف بكتاب الورقات لإمام الحرمين
أولًا: نسبة الكتاب إلى مؤلفه وعنوانه:
نسبة متن (الورقات في أصول الفقه)، إلى إمام الحرمين الجويني، من المسلّمات عند العلماء، فمعظم الذين ترجموا لإمام الحرمين، نسبوا له (الورقات في أصول الفقه)، كما أن معظم نسخ الورقات المخطوطة، قد ثبت فيها أنه منسوب لإمام الحرمين (١)، فقد جاء على غلاف النسخة التي رمزت لها بالحرف "و":
(كتاب الورقات في أصول الفقه للشيخ الإمام العالم العلامة أبي المعالي عبد الملك بن الشيخ أبي محمد ... الشهير بإمام الحرمين) (٢).
وجاء في مقدمة النسخة "ص": (قال الشيخ الإمام العالم العلامة إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن أبي محمد الجويني ...)
ومثل ذلك جاء في مقدمة النسخة "و" (٣).
وجاءت تسميته بالورقات، من قول إمام الحرمين في أوله: (هذه ورقات
تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه) (٤).
وقد رجح د. عبد الكريم النملة، أن عنوان الكتاب هو (الورقات في أصول الفقه)، وليس (الورقات في الأصول)، كما ورد في بعض النسخ، فقال: (ولكن الراجح عندي أنه (الورقات في أصول الفقه) لأمرين:
الأول: أن إمام الحرمين نص على ذلك بقوله: وبعد فهذه ورقات تشتمل على أصول الفقه.
الثاني: أن لفظ " الأصول " يحتمل أن يكون الكتاب شاملًا لأصول الدين وأصول الفقه، والحق أن الكتاب كله يتكلم عن موضوعات أصول الفقه فقط، ولم يتعرض
_________
(١) مقدمة الأنجم الزاهرات ص ٢٥.
(٢) انظر صورة النسخة "و" ورقة الغلاف.
(٣) انظر صورة النسخة "و" ورقة ٢، انظر صورة النسخة "ص" ورقة ١.
(٤) انظر ص ٥٩ من هذا الكتاب.
1 / 19
لمسائل أصول الدين لا من قريب ولا من بعيد، والله أعلم) (١).
وما قرره د. عبد الكريم النملة وجيه جدًا، فقد جاء عنوان الكتاب على غلاف النسخة "و": الورقات في أصول الفقه (٢).
وكذلك فإن كثيرًا من الشراح الذين شرحوا الورقات، نسبوه لإمام الحرمين، بل إن بعضهم أورد اسم الإمام في عنوان كتابه فمن ذلك:
١. شرح الحطاب المسمى (قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين).
٢. قال العمريطي في نظمه للورقات: وخير كتبه الصغار ما سمي (بالورقات
للإمام الحرمي).
٣. قال شمس الدين المارديني في مقدمة كتابه (شرح الأنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات): (... فقد سألني بعض الإخوان حفظه الله تعالى أن أشرح له الورقات التي للإمام العالم العلامة إمام الحرمين أبي المعالي) (٣).
٤. وقال ابن قاوان في (التحقيقات في شرح الورقات) ما نصه: (وكان أحسن ما صنف فيه - أصول الفقه - وأنفع للمبتدئ من المختصرات، وأجمع وأنقح وألخص لما في المطولات، ورقات إمام الدنيا والدين ناصر الإسلام والمسلمين أبي المعالي عبد الملك بن الشيخ أبي محمد الملقب بإمام الحرمين ...) (٤).
٥. جاء في مقدمة حاشية المحقق أحمد بن محمد الدمياطي على شرح المحلي ما نصه: (فهذه تقريرات شريفة ... على شرح ورقات إمام الحرمين الجويني للشيخ جلال الدين المحلي ...) (٥).
ثانيًا: الموضوعات التي احتوتها ورقات إمام الحرمين:
احتوى كتاب الورقات على معظم مباحث علم أصول الفقه، وقدم إمام الحرمين
_________
(١) مقدمة شرح الأنجم الزاهرات ص ٢٥.
(٢) انظر صورة الغلاف من النسخة " و".
(٣) الأنجم الزاهرات ص ٦٥.
(٤) التحقيقات ص ٨٣.
(٥) حاشية الدمياطي ص ٢.
1 / 20
مقدمة ثم ذكر أبواب أصول الفقه.
وقد احتوت المقدمة على ما يلي:
- معنى أصول الفقه.
- تعريف الأصل.
- تعريف الفرع.
- تعريف الفقه.
- أنواع الحكم السبعة وهي: الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه ...، والصحيح، والباطل.
- بيان الفرق بين الفقه والعلم والظن والشك.
ثم ذكر أبواب أصول الفقه التالية:
١. أقسام الكلام.
٢. الأمر والنهي.
٣. العام والخاص.
٤. المجمل والمبين.
٥. الظاهر والمؤول.
٦. الأفعال.
٧. الناسخ والمنسوخ.
٨. الإجماع.
٩. الأخبار.
١٠. القياس.
١١. الحظر والإباحة.
١٢. ترتيب الأدلة.
١٣. صفة المفتي والمستفتي.
١٤. أحكام المجتهدين.
1 / 21
ثالثًا: أهمية ورقات إمام الحرمين وعناية العلماء بها:
لقي كتاب الورقات عناية فائقة من العلماء، فشرحه جماعة منهم وقد وقفت على أكثر من ثلاثين عمل، ما بين شرح وحاشية ونظم وهي:
١. شرح أبو عمرو عبد الرحمن بن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ هـ (١).
٢. شرح تاج الدين عبد الرحمن بن ابراهيم الفزاري، المتوفى سنة ٦٩٠ هـ (٢).
٣. شرح ابن إمام الكاملية، محمد بن محمد بن يوسف الكمال المتوفى ٨٧٤ هـ (٢)
٤. شرح محمد بن عثمان بن علي المارديني المتوفى سنة ٨٧١ المسمى (الأنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات) (٣).
٥. شرح الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي المتوفى سنة ٨٧٩ هـ (٤).
٦. شرح حسين بن أحمد الكيلاني، المعروف بابن قاوان، المتوفى سنة ٨٨٩ هـ المسمى (التحقيقات في شرح الورقات) (٥).
٧. شرح سراج الدين عمر بن أحمد البلبيسي المتوفى سنة ٨٧٨ هـ، واسم شرحه (التحقيقات في الورقات) (٦).
٨. شرح أحمد بن محمد بن زكري التلمساني المتوفى سنة ٩٠٠ هـ، واسم شرحه (غاية المرام في شرح مقدمة الإمام) (٧).
٩. شرح محمد بن محمد الرعيني، المعروف بالحطاب المتوفى سنة ٩٥٤ هـ، واسم شرحه (قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين) (٨).
_________
(١) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦، تاريخ الأدب العربي ٧، ٨/ ٤٠.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٧٩٦، فهرس مخطوطات المكتبة البديرية ١/ ٢٧٦.
(٣) مقدمة محقق الأنجم الزاهرات ص ٥١.
(٤) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦.
(٥) مقدمة التحقيقات ص ٥٩.
(٦) هدية العارفين ١/ ٦٣٢، الضوء اللامع ٦/ ٧٢.
(٧) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦، تاريخ الأدب العربي ٧، ٨/ ٤٠، معجم المؤلفين ١/ ٢٦٥.
(٨) هدية العارفين ٢/ ١٩٢. ...
1 / 22
١٠. شرح شهاب الدين أحمد الرملي المتوفى سنة ٩٧٥ هـ، واسم شرحه (غاية المأمول في شرح ورقات الأصول) (١).
١١. شرح أحمد بن قاسم العبادي المتوفى سنة ٩٩٢ هـ، المسمى (شرح الورقات الكبير) (٢).
١٢. وله شرح آخر اسمه (شرح الورقات الصغير) (٣).
١٣. حاشية على شرح المحلي على الورقات لأحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي المتوفى سنة ٩٩٤ هـ (٤).
١٤. شرح منصور الطبلاوي المتوفى سنة ١٠١٤ هـ (٥).
١٥. شرح إبراهيم بن أحمد بن الملا الحنفي المتوفى سنة ١٠٣٠ هـ، المسمى
(جامع المتفرقات من فوائد الورقات) وهو شرح مطوّل (٦).
١٦. وله شرح متوسط اسمه (التحارير والملحقات والتقارير المحققات) (٧).
١٧. وله شرح مختصر اسمه (كفاية الرقاة إلى عرف الورقات) (٨).
١٨. حاشية على شرح المحلي لأحمد بن احمد القيلوبي المتوفى سنة ١٠٦٩ هـ (٩).
١٩. حاشية على شرح العبادي الصغير لنور الدين علي الشبراملسي المتوفى سنة ١٠٧٨ هـ (١٠).
_________
(١) تاريخ الأدب العربي ٧، ٨/ ٤٠، مقدمة التحقيقات ص ٥٤.
(٢) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦، تاريخ الأدب العربي ٧، ٨/ ٤٠.
(٣) المصدران السابقان.
(٤) هدية العارفين ١/ ١٢٣.
(٥) فهرس مخطوطات المكتبة البديرية ١/ ٢٧٧
(٦) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦.
(٧) المصدر السابق.
(٨) المصدر السابق.
(٩) مقدمة التحقيقات ص ٥٥.
(١٠) هدية العارفين ١/ ٦٠٨.
1 / 23
٢٠. حاشية على شرح المحلي، لأحمد بن محمد الدمياطي المتوفى ١١١٧ هـ (١).
٢١. حاشية النفحات على شرح المحلي على الورقات، لأحمد بن عبد اللطيف الخطيب الجاوي المتوفى سنة ١٣٠٦ هـ (٢).
٢٢. حاشية السوسي على قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين، لمحمد بن حسين السوسي التونسي (٣).
٢٣. شرح البخاري على شرح المحلي، لعلي بن أحمد البخاري الشعراني (٤).
٢٤. التعليقات على الورقات لعبد الرحمن بن حمد الجطليلي (٥).
٢٥. شرح شرف الدين يونس بن عبد الوهاب العيثاوي المتوفى سنة ٩٧٨ هـ (٦).
٢٦. شرح يحيى بن عبد الله المصري المتوفى ١٠١٥ هـ (٧).
٢٧. شرح محمد المرابط بن محمد المغربي المالكي المسمى (المعارج المرتقات إلى معاني الورقات) (٨).
وقد نظم جماعة من العلماء الورقات، فممن نظمها:
٢٨. يحيى بن موسى بن رمضان العمريطي المتوفى سنة ٨٩٠ هـ، وسماه
(تسهيل الطرقات لنظم الورقات)، وشرحه عبد الحميد بن محمد بن قدس الشافعي (٩).
٢٩. شهاب الدين أحمد بن محمد الطوفي المتوفى سنة ٨٩٣ هـ (١٠).
_________
(١) مقدمة التحقيقات ص ٥٥.
(٢) المصدر السابق ص ٥٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.
(٦) هدية العارفين ٢/ ٤٤٤.
(٧) المصدر السابق ٢/ ٤١٤.
(٨) المصدر السابق ٢/ ٢٣٣.
(٩) مقدمة التحقيقات ص ٥٦.
(١٠) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦.
1 / 24
٣٠. محمد بن إبراهيم المفضل اليمني المتوفى سنة ١٠٨٥ هـ (١).
٣١. محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي المالكي المتوفى سنة ١١٢٠ هـ (٢).
٣٢. أبو بكر بن أبي القاسم بن احمد الحسيني اليمني المتوفى سنة ١٠٣٥ هـ (٣).
٣٣. أبو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الجزائري وسماه (سلم الوصول إلى علم الأصول في نظم الورقات لإمام الحرمين) (٤).
٣٤. نظم مع شرح عنوانه (أقدس الأنفس) لمحمد مصطفى ماء العينين المغربي المتوفى سنة ١٣٢٨ هـ (٥).
_________
(١) كشف الظنون ٢/ ٧٩٦.
(٢) هدية العارفين ٢/ ٢٤٣.
(٣) المصدر السابق ١/ ١٩٧.
(٤) المصدر السابق ٢/ ٣١٠.
(٥) تاريخ الأدب العربي ٧، ٨/ ٤١.
1 / 25
٣٥. شرح جلال الدين المحلي وهو الكتاب الذي أحققه.
المبحث الثاني
دراسة حول الشارح جلال الدين المحلي
وتشمل ما يلي:
١. اسمه ونسبه.
٢. لقبه.
٣. مولده ونشأته.
٤. طلبه للعلم وشيوخه.
٥. أخلاقه وثناء العلماء عليه.
٦. تلاميذه.
٧. مؤلفاته.
٨. وفاته.
1 / 27
أولًا: اسمه ونسبه:
هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم، الجلال أبو عبد الله بن الشهاب أبي العباس بن الكمال الأنصاري المحلي القاهري الشافعي (١).
وهو منسوب إلى المحلة الكبرى من الغربية وهي مدينة مشهورة في مصر (٢).
ثانيًا: لقبه:
يعرف بالجلال المحلي، أو جلال الدين المحلي (٣)، وأطلق عليه ابن العماد لقب (تفتازاني العرب) (٤).
ثالثًا: مولده ونشأته:
ذكر السخاوي أنه رأى بخط جلال الدين المحلي، أنه ولد في مستهل شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة (٥)، ونشأ في القاهرة.
رابعًا: طلبه للعلم وشيوخه:
ذكر السخاوي أنه نشأ في القاهرة، وقرأ القرآن وكتبًا، واشتغل في عدة فنون، فدرس الفقه وأصوله، والعربية والنحو والفرائض، والحساب والمنطق والجدل،
والبيان والمعاني والعروض، ودرس التفسير وأصول الدين وعلوم الحديث، وتفنن في العلوم العقلية والنقلية. وذكر السخاوي أيضًا أنه درس على شمس الدين البرماوي، الفقه وأصوله والعربية، وأخذ الفقه عن إبراهيم البيجوري، والجلال البلقيني، والولي العراقي، وأخذ أصول الفقه عن العز بن جماعة، وأخذ النحو عن الشهاب العجيمي والشمس الشطنوفي، وأخذ الفرائض والحساب عن ناصر الدين بن أنس المصري الحنفي، وأخذ المنطق والجدل والمعاني والبيان والعروض وأصول الفقه، عن البدر الأقصرائي، وأخذ التفسير واصول الدين عن البساطي
_________
(١) هكذا ساق اسمه تلميذه شمس الدين السخاوي في الضوء اللامع ٧/ ٣٩، وانظر البدر الطالع ٢/ ١١٥، الأعلام ٥/ ٣٣٣، حسن المحاضرة ١/ ٤٤٣، شذارت الذهب ٧/ ٣٠٣.
(٢) الضوء اللامع ٧/ ٣٩.
(٣) الضوء اللامع ٧/ ٣٩، الأعلام ٥/ ٣٣٣.
(٤) شذرات الذهب ٧/ ٣٠٣.
(٥) الضوء اللامع ٧/ ٣٩، شذرات الذهب ٧/ ٣٠٣.
1 / 28
وأخذ علوم الحديث عن الولي العراقي وعن الحافظ ابن حجر العسقلاني (١).
وتتلمذ على عدد كبير من الشيوخ أذكرهم بإيجاز:
١. سراج الدين بن الملقن المتوفى سنة ٨٠٤ هـ (٢).
٢. سراج الدين البلقيني المتوفى سنة ٨٠٥ هـ (٣).
٣. برهان الدين إبراهيم الأبناسي المتوفى سنة ٨٠١ هـ (٤).
٤. سراج عبد اللطيف بن أحمد الفوي المتوفى سنة ٨٠٢ هـ (٥).
٥. بدر الدين أحمد بن محمد الطبندي المتوفى سنة ٨٠٩هـ (٦).
٦. محمد بن موسى الدميري المتوفى سنة ٨٠٨ هـ (٧).
٧. محمد بن أنس بن أبي بكر الطبنداوي المتوفى سنة ٨٠٩ هـ (٨). ...
٨. أحمد بن عماد الأقفهسي المتوفى سنة ٨٠٨ هـ (٩).
٩. شمس الدين محمد بن أحمد الغَّراقي المتوفى سنة ٨١٦ هـ (١٠).
١٠. عز الدين بن جماعة المتوفى سنة ٨١٩ هـ (١١).
١١. بدر الدين محمد بن محمد الأقصرائي المتوفى سنة ٨٢٥ هـ (١٢).
_________
(١) الضوء اللامع ٧/ ٣٩ - ٤٠، وانظر حسن المحاضرة ١/ ٤٤٣، شذرات الذهب ٧/ ٣٠٣، البدر الطالع ٢/ ١١٥.
(٢) حسن المحاضرة ١/ ٣٦٧، شذرات الذهب ٧/ ١٧٠.
(٣) شذرات الذهب ٧/ ١٧٦، البدر الطالع ١/ ٥٠٦.
(٤) حسن المحاضرة ١/ ٣٦٦، شذرات الذهب ٧/ ١٢٥.
(٥) شذرات الذهب ٧/ ١٤٠.
(٦) شذرات الذهب ٧/ ٢٠٨.
(٧) الضوء اللامع ١٠/ ٥٩، حسن المحاضرة ١/ ٣٦٦.
(٨) الضوء اللامع ٧/ ١٤٨، شذرات الذهب ٧/ ٢١١.
(٩) حسن المحاضرة ١/ ٣٦٧، شذرات الذهب ٧/ ١٩٩.
(١٠) شذرات الذهب ٧/ ١٢٢، الضوء اللامع ٣/ ٣٠٧.
(١١) الضوء اللامع ٧/ ١٧١، شذرات الذهب ٧/ ٢٦٨.
(١٢) شذرات الذهب ٧/ ٣٠٣.
1 / 29