والواو فاصل ولا رمز يرد ... عن خلف لأنه لم ينفرد
أي أنه جعل الواو فاصلة بين أحرف الخلاف وذلك أنه لما استكمل القراء ورواتهم سبعة وعشرين حرفا لم يبق إلا الواو فجعلها للفصل، ولو لم يجعل ذلك لاختلطت المسائل وعسر التمييز في أكثرها فجعلت لذلك عند الاحتياج إليها، وربما لم يأت بها عند أمن اللبس كقوله: مالك نل ظلا روى السراط مع البيت؛ وأما عند اللبس فلا بد من الإتيان بها نحو قوله: صحب بميت بلد، والميت هم البيت ونحو: وجزمه مدا شفا ويحسب، ونحو ذلك فلا بد من الإتيان بها، وقد تكون الواو في الفصل زائدة كما مثل به وقد تكون من نفس الكلمة نحو قوله:
... وبعد مؤمنا فتح ... ثالثه بالخلف ثابتا وضح
وقد تكون من حرف القرآن نحو: لا تأثيم لا لغو مدا كنز، ولا يقبل أنث حق وأعدنا أقصرا، وقوله فاصل؛ يعني فاصلة، والحروف يجوز تذكيرها وتأنيثها باعتبار اللفظ واعتبار المعنى، وعدل عن قول الشاطبية فيصلا إلى فاصل لأنه المشهور إلى هذه الصيغة من أجل سناد التأسيس الذي هو من عيوب القافية ولا رمز يرد الخ، أشار إلى وجه كونه لم يذكر لخلف رمزا وهو أنه لم يكن له حرف من حروف الخلاف انفرد فيها عن قراءة واحد من السبعة أو رواتهم بل انفرد عن حمزة والكسائى وشعبة إلا في حرفين أحدهما (وحرام على قرية أهلكناها) في الأنبياء (1) قرأه على رواية حفص وغيره، والثاني في سورة النور (2) قرأه على قراءة غيرهم، وكذلك في وجه السكت بين السورتين على ما ذكره أبو العز القلانسى ومن تبعه، ولذلك ذكره الناظم صريحا كما سيأتي، وكذلك ذكر خلاف إدريس عنه في يعكفون في الأعراف (3) صريحا؛ فإنه لم يبق له من الحروف ما يجعل له رمزا فإن الحروف استغرقت الأئمة التسعة السابقين ورواتهم كما تقدم ولم يبق منها سوى الواو وجعلت فاصلة؛ ولما كانت موافقته تارة لحمزة وهو الأكثر، وتارة للكسائي، وتارة لشعبة جعل له مع كل رمزا على حدة كما سيأتي، لذلك
صفحة ١٧