كلاما بل هو جزء كلام، وذلك نحو: قاموا، من قولك: رأيت الذين قاموا، وقمت حين قاموا.
وزاد بعض العلماء في حد الكلام "من ناطق واحد" احترازا من أن يصطلح رجلان على أن يذكر أحدهما فعلا أو مبتدأ، ويذكر الآخر فاعل الفعل، أوخبر المبتدأ، فإن مجموع النطقين مشتمل على ما اشتمل عليه مثله إذا نطق به واحد، وليس بكلام لعدم اتحاد الناطق، لأن الكلام عمل واحد، فلا يكون عامله إلا واحدا.
وللمستغني عن هذه الزيادة جوابان: أحدهما أن يقول: لا نسلم أن مجموع النطقين ليس بكلام، بل هو كلام لاشتماله على قيود الكلام المعتبرة، وليس اتحاد الناطق معتبرًا، كما لم يكن اتحاد الكاتب معتبرًا في كون الخط خطا، فإنه لو اصطلح رجلان على أن يكتب أحدهما زيد، ويكتب الآخر فاضل، لكان المجموع خطا، فكذلك إذا نطق رجل بزيد، ونطق الآخر بفاضل، وجب أن يحكم على المجموع بأنه كلام، ولم يلزم من ذلك صدور عمل واحد من عاملين، لأن المخبر عنه غير المخبر به.
فإن قيل: لو كان مثل ذلك كلاما كما هو الصادر من ناطق واحد لتساويا في الحكم، فكان يترتب على نطق المصطلحين ما يترتب على نطق الواحد من إقرار وتعديل وتجريح وقذف وغير ذلك، وذلك منتف، فبطل كون ذلك كلاما.
فالجواب أن انتفاء ترتيب الحكم على الكلام لا يمنع كونه كلاما، فإن بعض الكلام صريح، وبعضه غير صريح، فنطق المصطلحين إن كان كلاما فهو غير صريح، لأن السامع لا يعلم ارتباط أحد جزأيه بالآخر، مكما يعلم ذلك من نطق الناطق الواحد، فلذلك اختلفا في الحكم.
والثاني من جوابي المستغني عن تلك الزيادة أن يقال: كل واحد من المصطلحين المشار إليهما إنما اقتصر على كلمة واحدة اتكالا على نطق الآخر بالأخرى، فمعناهما مستحضر في ذهنه، فمجموع ذلك المعنى والكلمة التي نطق بها كلام، كما يكون كلاما قول القائل لقوم رأوا شبحًا: زيد، أي: المرئي زيد، فعلى هذا كل واحد
1 / 8