بالقضية الكلية التي هي إحدى مقدمتي الدليل على مسائل الفقه فتكون تلك المباحث من مسائل أصول الفقه وقولنا يتوصل بها إليه. الظاهر أن هذا يختص بالمجتهد فإن المبحوث عنه في هذا العلم قواعد يتوصل المجتهد بها إلى الفقه فإن المتوصل إلى الفقه ليس إلا المجتهد فإن الفقه هو العلم بالأحكام من الأدلة التي ليس دليل المقلد منها فلهذا لم تذكر
...................................................................... ..........................
قوله: "أن يذكر مباحث الحكم بعد مباحث الأدلة"؛ لأن الدليل مقدم بالذات والبحث عنه أهم في فن الأصول.
قوله: "كما أن موضوع المنطق التصورات والتصديقات"؛ لأنه يبحث عن أحوال التصور من حيث إنه حد أو رسم فيوصل إلى تصور ومن حيث إنه جنس أو فصل أو خاصة فيركب منها حد أو رسم وعن أحوال التصديق من حيث إنه حجة توصل إلى تصديق ومن حيث إنه قضية أو عكس قضية أو نقيض فيؤلف منها حجة وبالجملة جميع مباحثه راجعة إلى الإيصال وما له دخل في الإيصال وقد يقع البحث عن أحوال التصور الموصل إليه بأنه إن كان بسيطا لا يحد، وإن كان مركبا من الجنس والفصل يحد، وإن كان له خاصة لازمة بينة يرسم وإلا فلا ويمكن أن يجعل ذلك راجعا إلى البحث عن أحوال التصور من حيث إنه الموصل بأن يقال: معناه أن الحد يوصل إلى المركب دون البسيط فيكون من المسائل.
قوله: "لكن الصحيح" ذهب صاحب الأحكام إلى أن موضوع أصول الفقه هو الأدلة الأربعة ولا يبحث فيه عن أحوال الأحكام، بل إنما يحتاج إلى تصورها ليتمكن من إثباتها ونفيها لكن الصحيح أن موضوعه الأدلة والأحكام؛ لأنا رجعنا الأدلة بالتعميم إلى الأربعة والأحكام إلى الخمسة ونظرنا في المباحث المتعلقة بكيفية إثبات الأدلة للأحكام إجمالا فوجدنا بعضها راجعة إلى أحوال الأدلة وبعضها إلى أحوال الأحكام كما ذكره المصنف في تحصيل القضية الكلية التي يتوصل بها إلى الفقه فجعل أحدهما من المقاصد والآخر من اللواحق تحكم غاية ما في الباب أن مباحث الأدلة أكثر وأهم لكنه لا يقتضي الأصالة والاستقلال.
قوله: "فإن أريد بالحكم" هذا كلام لا حاصل له؛ لأن الأدلة الشرعية معرفات وأمارات ولو سلم أنها أدلة حقيقية فلا معنى للدليل إلا ما يفيد العلم بثبوت الشيء أو انتفائه، غاية ما في الباب أن العلم يؤخذ بمعنى الإدراك الجازم أو الراجح ليعم القطعي والظني فيصح في جميع الأدلة، وهذا لا يتفاوت بقدم الحكم وحدوثه وقد اضطر إلى ذلك آخر الأمر وليس معنى الدليل ما يفيد نفس الثبوت كما هو شأن العلل الخارجية، وإن جعلنا الحكم حادثا على ما يشعر به كلامه.
صفحة ٣٨