شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

سعد الدين التفتازاني ت. 792 هجري
187

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

تصانيف

الشرط وعنده في غير المدخول بها يقع الأول ويلغو الباقي ولغا الثالث وفي المدخول بها نزل الأول والثاني وتعلق الثالث وإن قدم تعلق الأول ونزل الباقي.

وأيضا الواو للعطف والأصل في العطف الشركة فتحمل على الشركة ما أمكن وهذا إذا كان المعطوف مفتقرا إلى ما قبله حقيقة كما في المفرد أو حكما كما في الجملة التي يمكن اعتبارها في قوة المفرد فحينئذ يحمل على الشركة لتكون الواو جارية على أصلها بقدر الإمكان أما إذا لم يمكن حملها على الشركة فلا تحمل وهذا إذا كان المعطوف جملة لا تكون في قوة المفرد فلا تكون مفتقرة إلى ما قبلها أصلا كما في: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة:43] فالواو وتكون لمجرد النسق والترتيب ففي قوله إن دخلت الدار فأنت طالق وضرتك طالق يمكن حمل قوله وضرتك طالق على الوجهين لكن إظهار الخبر وهو طالق في قوله وضرتك طالق يرجع العطف على المجموع لا على الجزاء لأنه لو كان معطوفا على الجزاء لكي أن يقول وضرتك فقوله بخلاف وضرتك طالق يرجع إلى قوله يتعلق العتق بالشرط "ولهذا جعلنا قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} [النور:4] معطوفا على الجزاء لا على قوله: {وأولئك هم الفاسقون} [النور:4]" أي ولأجل ما ذكرنا في قوله وعبدي حر مما يوجب كونه معطوفا على الجزاء وما ذكرنا في قوله وضرتك طالق من قيام الدليل على عدم المشاركة في الجزاء جعلنا قوله تعالى: {ولا تقبلوا} [النور:4] إلخ معطوفا على الجزاء فإن قوله ولا تقبلوا جملة إنشائية مثل قوله تعالى: {فاجلدوا} [النور:2] والمخاطب بهما الأئمة وقوله تعالى: {وأولئك} جملة إخبارية وليس الأئمة مخاطبين بها فدليل المشاركة في الجزاء قائم ولا تقبلوا ودليل عدم المشاركة في أولئك فعطفنا الأول على الجزاء لا الآخر وثمرة هذا تأتي في آخر فصل الاستثناء إن شاء الله تعالى

"الفاء للتعقيب فلهذا تدخل في الجزاء فإن قال إن دخلت هذه الدار فهذه الدار فأنت طالق فالشرط أن تدخل على الترتيب من غير تراخ، وقد تدخل على المعلول نحو جاء الشتاء فتأهب، وقد يكون المعلول عين العلة في الوجود

...................................................................... ..........................

قوله: "وقد يدخل على المعلول" هي الحقيقة جواب شرط محذوف أي إذا كان كذلك فتأهب فإن قلت لا شك في أن العلية والمعلولية في وجود السقي والإرواء لا في مفهوميهما، والعلة يجب أن تكون مغايرة للمعلول متقدمة عليه في الوجود فكيف يتصور اتحادهما في الوجود؟ قلت تسامح في ذلك نظرا إلى أنه لم يتحقق من الفاعل إلا فعل واحد، وإلا فالسقي يحصل بمجرد وضع الماء على كفه أو صبه في حلقه، والإرواء لا يحصل إلا بعد شربه بقدر الري، ولهذا صح أن يقال سقاه فما أرواه، وأما نحو قوله تعالى: {ونادى نوح ربه فقال رب} [هود:45]، و: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا} [هود:32] فذهب صاحب الكشاف إلى أنه في معنى الإرادة أي أراد النداء، وأردت جدالنا فيتحقق التعقيب، وبعضهم إلى أن مرتبة المفسر أن تكون بعد المفسر، ومرتبة المعلول بعد العلة فاستعيرت الفاء لمجرد التعقيب والتأخر في الرتبة.

صفحة ١٩١