قوله: "ولا شك أن تعريف الأصل اسمي"؛ لأنه تبيين أن لفظ الأصل في اللغة موضوع للمركب الاعتباري الذي هو الشيء مع وصف ابتناء الغير عليه أو احتياج الغير إليه، وهذا لا دخل له في بيان فساد التعريف، إذ عدم الاطراد مفسد له اسميا كان أو غيره ففي الجملة تعريف الأصل بالمحتاج إليه غير مطرد، إذ لا يصدق أن كل محتاج إليه أصل؛ لأن ما يحتاج إليه الشيء إما داخل فيه أو خارج عنه والأول إما أن يكون وجود الشيء معه بالقوة، وهو المادة كالخشب للسرير أو بالفعل، وهو الصورة كالهيئة السريرية له. والثاني إن كان ما منه الشيء فهو الفاعل كالنجار للسرير، وإن كان ما لأجله الشيء فهو الغاية كالجلوس على السرير وإلا فهو الشرط كآلات النجار وقابلية الخشب ونحو ذلك فهذه أقسام خمسة للمحتاج إليه لا يطلق لفظ الأصل لغة إلا على واحد منها هو المادة كما يقال أصل هذا السرير خشب كذا والأربعة الباقية يصدق على كل واحد منها أنه محتاج إليه ولا يصدق عليه أنه أصل فلا يكون التعريف مطردا مانعا وهاهنا بحث من وجوه أحدها منع اشتراط الطرد في مطلق التعريف لا سيما في الاسمي فإن كتب اللغة مشحونة بتفسير الألفاظ بما هو أعم من مفهوماتها وقد صرح المحققون بأن التعريفات الناقصة يجوز أن تكون أعم بحيث لا يفيد الامتياز إلا عن بعض ما عدا المحدود وأن الغرض من تفسير الشيء قد يكون تميزه عن شيء معين فيكتفى بما يفيد الامتياز عنه كما إذا قصد التمييز بين الأصل والفروع فيفسر الأول بالمحتاج إليه والثاني بالمحتاج وثانيها منع عدم صدق الأصل على الفاعل كيف والفعل مترتب عليه ومستند إليه ولا معنى للابتناء إلا ذلك. وثالثها أن كلامه في باب المجاز عند بيان جريان الأصالة والتبعية من الجانبين يدل على أن كل محتاج إليه فهو أصل. ورابعها أنا إذا قلنا الفكر ترتيب أمور معلومة فلا شك أن الأمور المعلومة مادة للفكر وأصل له مع أن ابتناء الفكر عليها ليس حسيا، وهو ظاهر ولا عقليا بتفسير المصنف، وهو ترتب الحكم على دليله.
صفحة ٢٠