فإذا قلنا "يكتب زيد" مجازا عن "كتب زيد" باعتبار ما كان فمعنى حصول معنى الحقيقي للمسمى أن معنى جوهر الحروف، وهو الحدث حاصل للمسمى في زمان سابق على الزمان الذي هو مدلول الفعل أعني الحال أو الاستقبال إذ لو كان حاصلا له في ذلك الزمان لكان الفعل حقيقة لا مجازا، وإذا قلنا كتب زيد مجازا عن يكتب باعتبار ما يئول فمعنى حصول المعنى الحقيقي للمسمى أن الحدث حاصل له في زمان لاحق متأخر عن الزمان الماضي الذي يدل عليه الفعل بهيئته إذ لو كان حاصلا له في الزمان الماضي لكان الفعل حقيقة لا مجازا فالزمان الذي يحصل فيه المعنى الحقيقي، وللمسمى في الصورتين مغاير للزمان الذي وضع لفظ الفعل لحصول الحدث فيه هذا خلاصة كلامه، ولا يخفى ما فيه فإنه أراد المعنى الحقيقي في الاسم نفس الموضوع له، وفي قاصر في الدلالة عليها قلنا الخلوص في الحكم، وهو عدم وجوب المهر لا في اللفظ فإن المجاز لا يختص بحضرة الرسالة، وأيضا تلك الأمور ثمرات، وفروع، ومبنى النكاح للملك له عليها حتى لزم المهر عليه عوضا عن ملك النكاح، والطلاق بيده إذ هو المالك وإذا صح بلفظين لا يدلان على الملك لغة فأولى أن يصح بلفظ يدل عليه وإنما يصح بهما لأنهما صارا علمين لهذا العقد وكذا ينعقد بلفظ البيع لما قلنا فإن قيل ينبغي أن يثبت العكس أيضا بطريق إطلاق اسم المسبب على السبب قلنا إنما كان كذلك إذا كان علة شرعت للحكم فإن قال عنيت بأحدهما الآخر صدق ديانة لا قضاء فيما فيه تخفيف أما إذا كان سببا محضا فلا ينعكس على ما قلنا فيقع الطلاق بلفظ العتق فإن العتق وضع لإزالة ملك الرقبة، والطلاق، لإزالة ملك المتعة، وتلك الإزالة سبب لهذه إذ هي تفضي إليها، وليست هذه مقصودة منها فلا يثبت العتق بلفظ الطلاق خلافا للشافعي رحمه الله تعالى ولا يثبت العتق أيضا بطريق الاستعارة إذ كل منهما إسقاط مبني على السراية، واللزوم لأنها لا تصح بكل، وصف بل بمعنى المشروع كيف شرع، ولا اتصال بينهما فيه لأن الطلاق رفع قيد النكاح، والإعتاق إثبات القوة الشرعية فإن قيل الإعتاق إزالة الملك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى والطلاق إزالة القيد فوجدت المناسبة قلنا نعم لكن بمعنى أن التصرف الصادر من المالك هي لا بمعنى أن الشارع وضع الإعتاق لإزالة الملك فالمراد بالإعتاق إثبات القوة المخصوصة أو يطلق فيسند إلى المالك مجازا لأنه صدر منه سببه، وهو إزالة الملك الإعتاق عليها مجازا فإن قيل ليس مجازا بل هو اسم منقول قلنا منقول في إثبات القوة المخصوصة ثم يطلق مجازا على سببه، وهو إزالة الملك، يرد عليه أنا نستعير
الفعل جزأه أعني الحدث، وبالمسمى الاسم ما أطلق عليه اللفظ من المدلول المجازي، وفي الفعل الفاعل إذ هو الذي يحصل له الحدث في زمان سابق أو لاحق مع أنه ليس المسمى الذي أطلق عليه المجاز الذي هو لفظ الفعل، وإنما المدلول المجازي هو الحدث المقارن بزمان سابق أو لاحق، ولا معنى لحصول الحدث له في حال دون حال، والأحسن أن يقال التعبير على الماضي بالمضارع، وعكسه من باب الاستعارة على تشبيه غير الحاصل في تحقيق وقوعه، وتشبيه الماضي بالحاضر في كونه نصب العين، واجب المشاهدة ثم استعارة لفظ أحدهما للآخر ثم في كلامه نظر من وجهين: الأول: أن حصول المعنى الحقيقي للمسمى في زمان اعتبار الحكم بل في جميع الأزمنة لا يوجب كونه حقيقة لجواز أن لا يكون إطلاق اللفظ من جهة كونه من أفراد الموضوع له كما في إطلاق الدابة على الفرس مجازا مع دوام كونه مما يدب على الأرض الثاني أن الحصول بالفعل ليس بلازم في المجاز باعتبار ما يئول بل يكفي توهم الحصول كما في عصرت خمرا فأريقت في الحال فإنه مجاز باعتبار ما يئول مع عدم حصول حقيقة الخمر للمسمى بالفعل أصلا.
صفحة ١٣٧