تخريج ما قال فيه الترمذي وفي الباب، وللحافظ ابن حجر تخريجات أيضا على هذا النوع، وما زال الكتاب محل عناية من أهل العلم، ودرس بدراسات كثيرة مستفيضة منها ما هو في مجلد، ومنها ما هو في مجلدين، ومنها ما هو في ثلاثة، المقصود أن الكتاب في جملته محط عناية في نظر كثير من الباحثين، وما زال الكتاب بحاجة إلى خدمة، وكتاب الترمذي على وجه الخصوص يوصي أهل العلم من قديم بالعناية بجمع نسخه الموثقة المقروءة على الأئمة المتصل إسنادها بالأئمة إلى مؤلفيها، وذلكم لاختلاف أحكامه، أحكامه مختلفة على الأحاديث لاختلاف النسخ، ولذلك تجدون حتى عند النووي ومن قبل النووي يقول: قال الترمذي: حسن صحيح، وفي نسخة صحيح فقط، وفي حديث يقال: قال الترمذي: حسن صحيح، وفي نسخة حسن، هذا تباين في الأحكام على الأحاديث، لكن مثل العناية بمثل هذا الأمر إنما نحتاج إليه إذا أردنا أن نقلد الترمذي، لكن إذا أردنا أن ننظر في أسانيده ومتونه ونحكم على كل حديث بما يليق به يسهل الأمر، ابن الصلاح يقول: ينبغي أن تجمع أصول، لا يكفي أصل واحد من كتاب الترمذي وتقابل وتأخذ بما اتفقت عليه هذه النسخ وكلام ابن الصلاح فرع عن كلامه في قفل باب الاجتهاد في التصحيح والتضعيف؛ لأنه لا يرى التصحيح والتضعيف بالنسبة للمتأخرين، فيعتمد قول الترمذي، لكن متى نعتمد قول الترمذي وأقواله مختلة من نسخة إلى نسخة؟ إلا إذا جمعنا أصول يمكن الاعتماد عليها وأخذنا ما تتفق عليه هذه الأصول، فالتحفة للمبارك فوري لا بأس بها، ترجم للرواة وأكثر التراجم مأخوذة من التقريب، وقد يستفيد من التهذيب هذا عمل جيد في الجملة، لكن أيضا التقليد في الأحكام على الرواة من خلال التقريب أو غيره من المتأخرين الكاشف أو الخلاصة محل نظر أيضا كفرع عن الأحكام على الأحاديث، فطالب العلم المتأهل لا يقتصر على التقريب، بل ينظر في أقوال الأئمة ويرجح من خلال قواعد التعارض والترجيح بين الأقوال في الجرح والتعديل بين أقوال الأئمة، ثم بعد ذلك يخرج بالرأي الذي يرتضيه، أما صاحب التحفة فمعوله على التقريب، وهو أيضا التقريب هذا معول لكثير من العلماء المتأخرين، وقد يقول قائل: إن العمر لا يسعف ولا يستوعب أن
صفحة ١٥