شرح سنن أبي داود للعباد

عبد المحسن العباد ت. غير معلوم
93

شرح سنن أبي داود للعباد

تصانيف

شرح حديث ابن عمر: (لقد ارتقيت على ظهر البيت) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر قال: (لقد ارتقيت على ظهر البيت فرأيت رسول الله ﷺ على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته)]. أورد أبو داود ﵀ هذه الترجمة في الرخصة في ذلك، يعني: في استقبال القبلة واستدبارها؛ لأنه ذكر قبل ذلك كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وهنا قال: الرخصة في ذلك، يعني: في الاستقبال والاستدبار. وأورد حديث ابن عمر: (أن النبي ﷺ كان على لبنتين -يعني: في البيت- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة)، وهذا يدل على أن الاستقبال والاستدبار عند الحاجة في البنيان مرخص به، وأنه لا بأس بذلك؛ لأن النبي ﷺ فعله، فيدل هذا على جوازه. وقد جمع بعض أهل العلم بين هذا الحديث وبين حديث أبي أيوب المتقدم الذي هو عام بأن حديث أبي أيوب يحمل على ما إذا كان في العراء وفي الخلاء والصحراء وأما إذا كان في البنيان فإنه يؤخذ بما جاء في حديث ابن عمر. ولكن لاشك أن وضع الكراسي التي تقضى عليها الحاجة عند بناء العمارات والبيوت الأولى ألا توضع إلى اتجاه القبلة ولا استدبارها بل إلى جهة لا يكون الإنسان مستقبلًا للقبلة ولا مستدبرًا لها، وإن كان ذلك جائزًا إلا أنه لاشك أن ترك ذلك وعدم الاستقبال هو الأولى، لاسيما وقد جاء عن أبي أيوب أن ذلك عام في البنيان وغير البنيان، وأيضًا قد قال بعض أهل العلم: إن حديث أبي أيوب قولي وحديث ابن عمر فعلي، والقول أقوى من الفعل؛ لأن الفعل يحتمل الخصوصية. ولكن كما هو معلوم أن الفعل الأصل فيه التأسي برسول الله ﷺ، ولا يصار إلى الخصوص إلا إذا وجد دليل يدل على الخصوصية. وعلى هذا فإن الحرص على الأخذ بحديث أبي أيوب حيث أمكن ذلك هو الذي ينبغي، ويجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان عند الحاجة ولا بأس بذلك؛ لأنه ثبت من فعله ﷺ.

6 / 3