121

شرح السير الكبير

الناشر

الشركة الشرقية للإعلانات

تصانيف

وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يُقَيِّدَ كَلَامَهُ بِلَعَلَّ وَعَسَى، فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ (٣٩ ا) يَخْرُجُ الْكَلَامُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَزِيمَةً عَلَى مَا قَالَ: «بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْخَنْدَقِ» . وَاسْمُ هَذَا الرَّجُلِ مَذْكُورٌ فِي الْمَغَازِي نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ] . «فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ غَدَرَتْ وَبَايَعَتْ أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُمْ بِهَذَا. فَرَجَعَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَقَالَ: زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ أَمَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ بِهَذَا. فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْته يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَوَاَللَّهِ مَا كَذَبَ» . وَتَمَامُ هَذِهِ الْقِصَّةِ ذُكِرَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: «أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَى أَنْ جَاءَ الْأَحْزَابُ وَمَعَهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ رَأْسُ بَنِي النَّضِيرِ. فَمَا زَالَ بِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى نَقَضُوا الْعَهْدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَايَعُوا أَبَا سُفْيَانَ. عَلَى أَنْ يُغِيرُوهُمْ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالْأَحْزَابُ يُقَاتِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ. فَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٠] . فَجَاءَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ كَانَ مُشْرِكًا يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا مِنْ مُوَاطَأَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ حَتَّى نُحِيطَ بِالْأَحْزَابِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرُ بَنِي قُرَيْظَةَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ

1 / 121