شرح صحيح البخارى لابن بطال
محقق
أبو تميم ياسر بن إبراهيم
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٣م
إلا حديثًا واحدًا -، فذلك، والله أعلم، لأنه كان متوقِّيًا للحديث عن النبى، ﷺ، وقد كان عَلِمَ قول أبيه، رضى الله عنهما: أَقِلُّو الحديث عن رسول الله، وأنا شريككم.
- باب الاغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ
وَقَالَ عُمَرُ، رضِى اللَّه عنه: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا / ١٥ - فيه: ابن مَسْعُودٍ، قَالَ النَّبِىُّ ﷺ: تمت لا حَسَدَ إِلا فِى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فَهُوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا -. قال المفسر: هذا الحسد الذى أباحه ﷺ ليس من جنس الحسد المذموم، وقد بين ﷺ ذلك فى بعض طرق هذا الحديث، فقال فيه: تمت فرآه رجل - يعنى ينفق المال ويتلو الحكمة، فيقول: ليتنى أوتيت مثل ما أوتى ففعلت مثل ما يفعل، فلم يتمنَّ أن يسلب صاحب المال ماله، أو صاحب الحكمة حكمته، وإنما تمنى أن يصير فى مثل حاله، من تفعّل الخير، وتمنى الخير والصلاح جائز وقد تمنى ذلك الصالحون والأخيار، ولهذا المعنى ترجم البخارى لهذا الباب باب الاغتباط فى العلم والحكمة، لأن من أوتى مثل هذه الحال فينبغى أن يغتبط بها وينافس فيها. وفيه من الفقه أن الغنى إذا قام بشروط المال، وفعل فيه ما يرضى الله، فهو أفضل من الفقير الذى لا يقدر على مثل حاله. وقول عمر: تمت تفقهوا قبل أن تسودوا -، فإن من سوده الناس يستحيى أن يقعد مقعد المتعلم خوفًا على رئاسته عند العامة.
1 / 158