شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

أسامة سليمان ت. غير معلوم
72

شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

تصانيف

بيان حالات سجود السهو وأقوال العلماء في ذلك يأتي هنا سؤال وهو منتشر بين إخواننا إن قام إلى الركعة الثالثة ثم سبّح المأموم بعد أن قام الإمام وفارق الأرض، ثم جلس الإمام، فما حكم صلاته؟ تبطل عند الشافعية، وجمهور العلماء على غير البطلان. يقول الشيخ ابن عثيمين: وليس على البطلان دليل، لكن إن قام يجب عليه ألا يجلس، فإذا فارقت الإليتان الأرض واعتدل قائمًا فلا يعود من ركن إلى واجب؛ لأنه تلبس بركن، وهذا ما فعله النبي ﵊، قام إلى ركعة ثالثة فسبّح الصحابة، فظل قائمًا وأتى بأربع ركعات، ثم سجد للسهو قبل التسليمتين، وهذه حالة من الحالات التي يسجد فيها قبل التسليم؛ لأن للسهو أربع حالات: حالتان يسجد قبل التسليمتين، وحالتان يسجد بعد التسليمتين. فالشافعية قالوا: كله قبل. والأحناف قالوا: كله بعد. والحنابلة ميّزوا بين القولين بفعل النبي ﵊، فقالوا: ما سجد له قبل يُسجد له قبل، وما سجد له بعد يُسجد له بعد. وفي الحديث الذي ذكرته الآن وهو حديث التشهد الأوسط أنه سجد قبل التسليمتين؛ لأنه نسي التشهد الأوسط، فنستطيع أن نقول الآن: إن نسي واجبًا من الواجبات السبعة يسجد للسهو قبل التسليمتين، وهذه قاعدة عامة. وهنا ترد أسئلة: رجل نسي تكبيرات الانتقال فما حكم صلاته؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. - رجل نسي أن يسبّح وهو راكع ما حكمه؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. - رجل نسي أن يصلي على النبي ﷺ في التشهد الأخير، ما حكمه؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. إذًا: هذا حكم عام، فأول حكم يسجد فيه للسهو قبل التسليمتين إن نسي واجبًا، وهذه القاعدة نتفق عليها. الثاني: السجود للسهو قبل التسليمتين في حال الشك. مراتب العلم ستة: ١ - علم. ٢ - جهل بسيط. ٣ - جهل مركب. ٤ - شك. ٥ - ظن. ٦ - وهم. ولنضرب مثلًا لكل مرتبة: متى كان فتح مكة؟ كان في العام الثامن من الهجرة، هذا نسميه علم، والعلم: هو إدراك الشيء على حقيقته، فالرجل أجاب بأن فتح مكة كان في السنة (٨) هـ، إذًا: أدرك شيئًا على حقيقته، وهذا يسمى علمًا. فلو قلت: متى كان فتح مكة؟ فأجاب شخص: (٧) هـ، هذا نسميه جهلًا مركبًا وليس جهلًا بسيطًا؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته، فإدراك الشيء على غير حقيقته هذا يسمى جهلًا مركبًا. إذًا: من قال: إن ختان الإناث غير مشروع يكون جاهلًا جهلًا مركبًا. ومن قال: إن النقاب عادة وليس عبادة فهذا جهل مركب؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته. ومن قال: إن الحجامة شعوذة ودجل جهله فجهل مركب وهكذا. فإن قال قائل: فتح مكة لا أدري متى كان؟ فهذا جهل بسيط؛ لأنه قال: لا أدري، ومن قال: لا أدري فقد أفتى. فهذا الرجل يعرف قدره وقال: لا أدري متى كان فتح مكة. رجل قال: فتح مكة سنة (٨) هـ واحتمال أن يكون سنة (٧) هـ، هذا نسميه ظنًا، إذ إن الظن احتمال راجح واحتمال مرجوح، فيقدّم الراجح ويؤخر المرجوح، فقد قال: سنة (٨) هـ واحتمال (٧) هـ، فقدم الراجح وأخّر المرجوح، وهذا يسمى ظنًا. وإن قال: فتح مكة سنة (٧) هـ واحتمال أن يكون (٨) هـ فهذا نسميه وهمًا؛ لأنه قدّم المرجوح وأخّر الراجح. وإن قال آخر: فتح مكة لا أدري: ربما يكون (٧) هـ وربما يكون (٨) هـ احتمالات متساوية، فهذا يسمى شكًا. إذًا: الشك معناه: أن الاحتمالات متساوية، فلو أني صليت العشاء بمفردي ولا أدري: صليت ثلاثًا أم صليت أربعة، فأنا في شك؛ لذلك فإني أبني على الأقل، والأقل هو اليقين، واليقين أني صليت ثلاثًا، والشك أربعًا، فألغي الشك وأضعه جانبًا وأقوم بركعة إضافية، ثم أسجد للسهو قبل التسليمتين، وهذا يسمى شكًا، وهكذا في كل الأركان، فإن سجدت فلم أدري: أسجدت سجدة أم سجدتين، فأما السجدة الأولى فمتيقن منها، لكن الثانية لا أدري: أسجدت أم لا، فأسجد أيضًا سجدة ثم أسجد للسهو، فكلما شككت في ركن أضعه، فمثلًا هل سبّحت وأنا راكع أم لم أسبّح؟ أضع الشك وأسبّح وهكذا. وإذا تذكر بعد أن انتهى إن كان ركنًا يلغي الركعة تمامًا، فيبني على اليقين ويلغي ما شك فيه، أي: أنه -مثلًا- شك: هل قرأ التشهد الأخير أم لا؟ ثم سلّم وتذكر بد أن سلّم أنه شك، فإنه يلغي ما شك فيه ويحصّله. وهكذا إن نسيت الركوع وسجدت مباشرة، وبينما أنا ساجد تذكرت أني لم أركع، فإني أقوم للركوع؛ لأني لم أفصل بين الركنين بركن، فإن فصلت بين الركنين بركن فإني أعيد الركعة، يعني: تمامًا كحال رجل نسي ركنًا ثم تذكر وهو متلبس بالركن الذي يليه، نسي الركن السابق، فيعود إلى تحصيله ثم يسجد للسهو. فانتبه لمثل هذه الحالات فهي مهمة!! قال البخاري ﵀: [حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة ﵁ أنه قال: (إن رسول الله ﷺ قام من اثنتين من الظهر)] بعد ركعتين من الظهر لم يجلس للتشهد الأوسط، لكنه قام مباشرة إلى الركعة الثالثة [(

4 / 8