236

شرح رياض الصالحين لابن عثيمين

الناشر

دار الوطن للنشر

سنة النشر

١٤٢٦ هجري

مكان النشر

الرياض

لو ضرب على شيء من الدنيا لاستشاط غضبًا، وانتقم ممن ضربه، وهذا يدعو إلي الله، ولا يتخذ على دعوته أجرًا، مع هذا يضربونه حتى يدموا وجهه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: «اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» .
وهذا الذي حدثنا به رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يحدثنا به عبثًا أو لأجل أن يقطع الوقت علينا بالحديث، وإنما حدثنا بذلك من أجل أن نتخذ منه عبرة نسير عليها، كما قال سبحانه وتعالي:) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (يوسف: من الآية١١١)، والعبرة من هذا أن نصبر على ما نؤذي به من قول أو فعل في سبيل الدعوة إلي الله، وأن نقول متمثلين:
هل أنت إلا إصبغ دميت وفي سبيل الله ما لقيت
وأن نصبر على ما يصيبنا مما نسمعه أو ينقل إلينا مما يقا فينا بسبب الدعوة إلي الله، وأن نري أن هذا رفعة لدرجاتنا وتكفير لسيئاتنا، فعسي أن يكون في دعوتنا خلل من نقص في الإخلاص أو من كيفية الدعوة وطريقها، فيكون هذا الأذى الذي نسمع، يكون كفارة لما وقع منا، لأن الإنسان مهما عمل فهو ناقص لا يمكن أن يكمل عمله أبدًا، إلا أن يشاء الله، فإذا أصيب وأوذي في سبيل الدعوة إلي الله فإن هذا من باب تكميل دعوته ورفعة درجته، فليصبر وليحتسب ولا ينكص علي عقبيه، لا يقول

1 / 241