شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
الناشر
دار الوطن للنشر
سنة النشر
١٤٢٦ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
علوم الحديث
مالك يصدك عن ذكر الله فأبعده عنك بأي وسيله تكون، حتى لا يكون سببًا لإلهائك عن ذكر الله.
فإن الذي يلهي عن ذكر الله خسارة، كما قال تعالي:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون: ٩) .
يقول ﵁: «فلما تمت لنا أربعون ليلة» يعني شهر وعشرة أيام، وكان الوحي قد استلبث فلم ينزل كل هذه المدة، وهذه من حكمة الله ﷿ في الأمور الكبيرة العظيمة، يستلبث الوحي ولا ينزل، كما في هذه القصة، وكما في قصة الإفك حين انقطع الوحي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم.
وهذا من حكمة الله ﷿ حتى يتشوف الناس غلي الوحي ويتشوفوا إليه: ماذا سينزل رب العالمين ﷿؟ فبقي الوحي أربعين ليلة ما نزل، فلما تمت أربعون ليلة أرسل النبي صلي الله عليه وسلم إلي كعب وصاحبيه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع ﵃ أن يعتزلوا نساءهم.
وجاءت زوجة هلال بن أمية إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأخبرته بأنه في حاجة إليها لتخدمه؛ لأنه ليس له خادم، فأذن لها النبي صلي الله عليه وسلم بشرط أن لا يقربها، فقالت: «إنه والله ما به من حركة إلي شيء» يعني أنه ليس له شهوة في النساء، وأنه يبكي- ﵁ منذ أمر النبي صلي الله عليه وسلم بهجرهم إلي يومه هذا، أربعون يومًا يبكي؛ لأنه ما يدري ماذا تكون النهاية.
يقول ﵁: «فلما مضي عشر ليال بعد هذا، وكنت ذات يوم اصلي الصبح على سطح بيت من بيوتنا» لأنه كما مر كانوا- ﵃
1 / 149