125

شرح رياض الصالحين لابن عثيمين

الناشر

دار الوطن للنشر

سنة النشر

١٤٢٦ هجري

مكان النشر

الرياض

نصر الله نبيه، وسمي الله هذا اليوم) عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) (لأنفال: من الآية٤١) .
هذا اليوم فرق الله فيه الحق والباطل تفريقًا عظيمًا. وانظر إلي قدرة الله ﷿ في هذا اليوم، انتصر ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلًا على نحو ألف رجل أكمل منهم عدة وأقوي، وهؤلاء ليس معهم إلا عد قليل من الإبل والخيل، لكن نصر الله ﷿ إذا نزل لقوم لم يقم أمامهم أحد، وإلي هذا أشار الله بقوله) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) (آل عمران: من الآية١٢٣)، ولما كان المسلمون حين فتحوا مكة وخرجوا باثني عشر ألفًا وأمامهم هوزان وثقيف؛ فأعجب المسلمون بكثرتهم وقالوا: لن نغلب اليوم عن قلة، فغلبهم ثلاثة آلاف وخمس مائة رجل. غلبوا اثني عشر ألف رجل بقيادة النبي صلي الله عليه وسلم، لنهم أعجبوا بكثرتهم، قالوا: لن نغلب اليوم عن قله، فأراهم الله ﷿ أن كثرتهم لن تنفعهم.
قال الله تعالي:) وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (التوبة: من الآية٢٥) .
أترون ماذا حصل لأهل بدر؟
اطلع الله عليهم وقال لهم: اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم.
كل معصية تقع منهم فإنها مغفورة، لأن الثمن مقدم.
فهذه الغزوة صارت سببًا لكل خير، حتى إن حاطب بن أبي بلتعة

1 / 130