شرح رياض الصالحين

أحمد حطيبة ت. غير معلوم
92

شرح رياض الصالحين

معنى قوله تعالى: (فذلك الذي يدع اليتيم) قال سبحانه: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الماعون:١ - ٣]. إنه من علامات التكذيب بالدين وبالجزاء وبالحساب، دعُّ اليتيم والمسكين؛ لأنه في اعتقاده وظنه أنه لا حساب ولا جزاء، فيظن أنه خلق للدنيا ويموت ولا يرجع، فإذا به يكذب بالجزاء والحساب ويدع اليتيم، ولو آمن بيوم القيامة لما نهر يتيمًا ولا مسكينًا أبدًا. وفي حديث سعد بن أبي وقاص: كنا مع النبي ﷺ ستة نفر، فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا. ذكرنا هذه القصة وكيف أن المشركين يحبون التعالي، فطلبوا من النبي أن يعلمهم لوحدهم، والضعفاء لوحدهم، ومن هؤلاء الذين قدموا على النبي ﷺ عيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس، وكانوا سادة في قومهم، فطلبوا من النبي ﷺ أن يكون لهم يوم لوحدهم، حتى لا تتحدث العرب أنهم قعدوا مع الفقراء والمساكين. يقول: (فحدث نفسه ﷺ، يعني: بأن يجعل لهم يومًا، ولهؤلاء يومًا آخر، فإنهم إن أسلموا سيتعلمون التواضع ويتعلمون العلم الشرعي، فنزلت آية تحذر النبي صلوات الله وسلامه عليه من ذلك، قال تعالى: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام:٥٢]، أي: تظلم نفسك بطرد هؤلاء، فإذا به يأبى صلوات الله وسلامه عليه إلا أن يطيع ربه في هؤلاء الفقراء والمساكين.

11 / 6