161

شرح رياض الصالحين

إكرام النبي لصديقات خديجة
ومن الأحاديث حديث متفق عليه عن عائشة ﵂ قالت: (ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت على خديجة).
على الرغم من أن خديجة ماتت وعائشة لم ترها، ولكن من بر النبي ﷺ لزوجته التي توفيت رضي الله ﵎ عنها، فقد كان يبر بأقارب السيدة خديجة، وكان يبر صديقات السيدة خديجة اللاتي كن يأتين للنبي ﷺ في حياة خديجة وبعد وفاة خديجة رضي الله ﵎ عنها.
وكان ذلك يسبب غيرة للسيدة عائشة، والغيرة غالبًا ما تكون من النساء الأحياء، ولكن غيرتها كانت من السيدة خديجة التي توفيت رضي الله ﵎ عنها، ولكن من كثرة ذكر النبي ﷺ لها، فقد كانت للنبي ﷺ نعم الزوجة ونعم الرفيقة في حياته صلوات الله وسلامه عليه ونعم المعينة المشيرة، ولذلك استحقت أن يبشرها ربها سبحانه بقصر من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وقد صارت من سيدات نساء العالمين رضي الله ﵎ عنها.
وفاطمة رضي الله ﵎ عنها هي بنت خديجة.
والسيدة عائشة لها فضل عظيم ويكفي أنها حبيبة رسول ﷺ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فهي مفضلة على النساء رضي الله ﵎ عنها.
ولكن مع ذلك كانت السيدة عائشة تغار على النبي ﷺ، وكانت أشد غيرة من خديجة التي تقول السيدة عائشة ﵂: (ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت على خديجة، وما رأيتها قط).
فقد توفيت السيدة خديجة رضي الله ﵎ عنها والنبي ﷺ بمكة قبل هجرته بسنين، والسيدة عائشة صغيرة السن وتزوجها النبي ﷺ بمكة ودخل بها في المدينة وكان لها تسع سنوات رضي الله ﵎ عنها، وما رأت السيدة خديجة؛ لأنها كانت صغيرة حين توفيت السيدة خديجة ﵂، ولكن كان يكثر ﵊ من ذكرها، فمن كثر ذكره لها كانت تغار منها.
قالت: (وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة) برًا لـ خديجة ﵂.
قالت: (فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة) فيقول النبي ﷺ: (إنها كانت وكانت) فيمدح السيدة خديجة التي وقفت بجواره ﷺ وكانت من أجمل النساء رضي الله ﵎ عنها، ونفعت النبي ﷺ بذلك، ونفعته بنصحها وشفقتها وحنوها عليه صلوات الله وسلامه عليه.
فكان يمدحها ويقول: (إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد) يعني: هي الوحيدة من نسائه التي كان له منها الولد.
قالت في رواية: (استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله ﷺ، فعرف استئذان خديجة) يعني: عرف طبيعتها وأدبها ونغمة صوتها وهي تكلمه أنها مثل خديجة، فهش لذلك ﷺ، يعني: أنه عندما تذكر خديجة صلوات الله وسلامه عليه وهو لم ينسها ارتاح فقال: (اللهم هالة بنت خويلد) فذكرته هالة بـ خديجة وما كان من أمرها، قالت: فارتاح أو فارتاع لذلك.

16 / 5