وأشهد أن الله -تبارك وتعالى- اصطفاهم لذلك من بين البرية،
واختصهم بالكون من تلك المغارس الزكية، فعليهم سلام الله ورضوانه من عترة طاهرة مرضية، ورحم أتباعهم وأشياعهم من جميع البرية، هذا موقع شهادتي، وغاية إرادتي، فمن شهد بما شهدت به كان شريكا في أجر ذلك وفخره، ومن كاع([30]) عن هذه الشهادة كنت عنه نائبا، ولما أعد الله -سبحانه- لمن شهد بها وارثا وطالبا، وكان مخصوصا بعار ترك ذلك ووزره.
[ذكر الدافع له -صلوات الله عليه- إلى إنشاء الأرجوزة]
وبعد ذلك: فقد سألني بعض من يعز عندي مسألتة، وتلزم إجابته،
أن أعمل أرجوزة وجيزة أضمنها أصولا في الدين، وردا على من أنكر فضل عترة محمد خاتم النبيئين -صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين-، من الرفضة المعاندين، وإخوانهم الناصبين، فأجبته إلى ذلك رجاء لما يحصل له فيه من المنفعة، ويدخر لي من الأجر والمثوبة، وجعلتها تذكرة للمنتهي، ووسيلة للمبتديء، ومن الله -سبحانه- أستمد المعونة، وأسأل التوفيق والهداية، وشرحت تلك الأرجوزة شرحا وجيزا إلا فيما لا بد من ذكره، من دليل يحتاج إلى تفصيل، وشرح طويل، فإن ذلك موضع الإقصاء([31])، إلا أني اختصرت الشواهد على غريب لغتها، والإتيان على جميع أدلتها، وقصدت بذلك تخفيف مؤنتها، وتعظيم معونتها، وهي هذه:
[مقدمة الأرجوزة وشرحها]
[1]
الحمد للمهيمن المنان .... جم النوال باسط الإحسان
ذي الطول والعزة والسلطان .... لكل ذي شدق وذي لسان
من غير تقريظ ولا سؤال
(الحمد): هو التعظيم لمن أضيف إليه هذا اللفظ، ولا يجوز إلا لمن استحق ذلك، ولا أحق به ممن ابتدأنا بأصول النعم([32])، ومن هو مختص بصفات الكمال وليس ذلك إلا الله -سبحانه-.
ومعنى الحمد: قريب من معنى الشكر، إلا أن بينهما فرقا من حيث أن الشكر: هو التعظيم مع ذكر النعمة التي شكر عليها.
صفحة ٤٠