وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ابتعثه من أعز جرثومة([25])، وأطيب أرومة، وأشرف خؤولة وعمومه، إختصه بالنبوة من بين تلك الأعارب، وأوجب تصديقه وطاعته على أهل المشارق والمغارب، والأباعد من خلقه والأقارب، فصدع -صلى الله عليه وآله وسلم- بالرسالة، وأدى ما حمل من الأمانة([26])، والناس يومئذ مكبون([27]) على حجارة منحوتة، وعيدان منضودة، يعبدونها ويعكفون عليها، لا يعرفون ربا، ولا يدينون دينا، ولا يطلبون دليلا، ولا يهتدون سبيلا، يأكل قويهم ضعيفهم، ويهضم كثيرهم قليلهم، فأنقذهم الله سبحانه به -صلى الله عليه وآله وسلم- من الضلالة، وهداهم بنور علمه من ظلم الجهالة، فجزاه الله عنا وعنهم أفضل ما جزى نبيا عن عترته، ورسولا عن أمته.
وأشهد أن الإمام بعده بلا فصل، أخوه وابن عمه، الفارج الكرب عن وجهه، وأول من قال لاإله إلا الله معه علي بن أبي طالب -عليه سلام الله وصلواته-([28]).
وأشهد أن الإمامة بعده في ولديه النجيبين الطاهرين، الزكيين، العلمين، العالمين، العاملين، الشهيدين الحسن والحسين ابني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وسيدي شباب أهل الجنة، إلا ما جعل الله -سبحانه وتعالى- لابني الخالة([29]).
وأشهد أن أمهما الزكية الأمينة، والجوهرة المكنونة، فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم، وسلام الله عليها وبركاته- سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما جعل الله -سبحانه- لمريم ابنة عمران -عليها السلام-.
وأشهد أن الإمامة بعدهما، فيمن طاب وزكا من ذريتهما، وسار بسيرتهما، وهدى بهديهما، وسلك منهاجهما، وحذا بحذوهما.
صفحة ٣٩